الولايات المتحدة تكثّف ملاحقة قراصنة كوريا الشمالية الممولين للبرنامج النووي

في خطوة جديدة ضمن ما يُعرف بـ”حرب الظل” بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، كثّفت واشنطن من تحركاتها ضد شبكة قرصنة إلكترونية تتهمها باستخدام العملات الرقمية المسروقة لتمويل البرنامج النووي الكوري الشمالي. وتأتي هذه الخطوة في وقت تتزايد فيه المخاوف من استغلال التقنيات الحديثة لتمويل برامج الدمار الشامل بعيدًا عن أعين الرقابة المالية التقليدية.

“لازاروس”: الذراع السيبراني الأبرز لبيونغ يانغ

تُعد مجموعة “لازاروس” من أخطر أدوات الهجوم السيبراني التابعة لكوريا الشمالية، بحسب مسؤولين أمريكيين. وقد ارتبط اسمها بعدد من العمليات البارزة، من سرقة ملايين الدولارات من بنك بنغلاديش المركزي، إلى الهجوم الشهير على “سوني بيكتشرز” عام 2014، وامتدادًا إلى نشر فيروس “وانا كراي” العالمي. وعلى الرغم من العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأمريكية عام 2019، واصلت المجموعة نشاطها بوتيرة متصاعدة مستغلة عالم العملات المشفرة الذي يصعب تتبعه.

العملات الرقمية… وقود للصواريخ النووية

تشير تقارير وزارة الخزانة الأمريكية إلى أن كوريا الشمالية تستخدم العملات الرقمية المنهوبة في تمويل برامجها التسليحية، لا سيما تطوير الصواريخ الباليستية والأسلحة النووية. وتشير وثائق قضائية إلى أن مجموعة “لازاروس” كانت وراء اختراق إلكتروني في 2022 استولت خلاله على نحو 620 مليون دولار من العملات المشفرة، في واحدة من أكبر سرقات الإنترنت في التاريخ.

شبكات غسيل الأموال… من كمبوديا إلى البلوك تشين

تتّهم السلطات الأمريكية مجموعة “لازاروس” باستخدام شركة مالية كمبودية تُدعى “هويون” (Huione) لغسل ما يزيد عن 4 مليارات دولار من العائدات الرقمية. وردًا على ذلك، أعلن مكتب مراقبة الجرائم المالية الأمريكي (FinCEN) عزمه اتخاذ إجراءات لقطع أي صلة لهذه الجهات بالنظام المالي الأمريكي، بهدف تجفيف منابع التمويل غير المشروع.

“تورنادو كاش”: منصة في قلب المعركة القانونية

تتصدّر منصة “تورنادو كاش” مشهد الصراع الرقمي، بعدما اتُهمت بتسهيل إخفاء مسارات أموال مسروقة عبر تقنيات البلوك تشين. وتواجه المنصة اتهامات بالمساعدة في غسل أكثر من مليار دولار، من ضمنها مبالغ اختُرقت من لعبة Axie Infinity. ويخضع مؤسسها الشريك، رومان ستورم، للمحاكمة، وسط جدل قانوني بشأن مدى علمه بتورط مجموعة “لازاروس” في استخدام المنصة لتمويل أنشطة غير قانونية.

تهديد إلكتروني يتحول إلى خطر استراتيجي

بحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، استولت كوريا الشمالية عام 2023 وحده على ما يقرب من 1.34 مليار دولار من العملات الرقمية، ما يعكس تصاعد خطر التحالف بين الجرائم السيبرانية وتمويل الأنشطة النووية. وتضع الولايات المتحدة كوريا الشمالية في قائمة الخصوم السيبرانيين الأخطر عالميًا، إلى جانب روسيا، الصين، وإيران، مع تصاعد القلق من قدرتها على تجاوز العقوبات الاقتصادية عبر أدوات رقمية غير تقليدية.

بتكوين في خدمة القنبلة

تؤكد المعطيات أن الحروب المعاصرة لم تعد تُخاض فقط بالأسلحة التقليدية، بل أيضًا بالشيفرات الرقمية والمحافظ المشفّرة. ومع ازدياد دور العملات الرقمية في تمويل برامج التسلح، تتحرك الولايات المتحدة بشكل عاجل لوقف هذا التدفق المالي الذي قد يُسهم في تعزيز قدرات كوريا الشمالية النووية، ما يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن العالمي.

اقرا ايضا:

العالم بلا دولار: سيناريو الفوضى النقدية المقبلة