إسقاط النظام الإيراني: بين جاذبية الفكرة واستحالة التنفيذ في الواقع
دروس التاريخ تكشف تعقيدات إسقاط الأنظمة الثورية ومخاطر الفوضى المحتملة

في عام 1991، وقبيل حرب الخليج، سُئل الجنرال الأمريكي نورمان شوارزكوف عن احتمالية الإطاحة بصدام حسين، فأجاب باختصار: “سهل أن تقول، صعب أن تفعل”. الرجل كان يعلم ما يقول؛ فقد عاش جزءًا من طفولته في طهران ودرس تاريخ الشرق الأوسط. عبارته تلك تصلح اليوم لتحذير من يكرر الدعوة لإسقاط النظام الإيراني دون وعي بتعقيدات الواقع.
التجارب السابقة: دروس قاسية من أفغانستان والعراق
منذ بداية القرن، كشفت التدخلات الغربية عن كوارث متكررة: من أفغانستان إلى العراق، ثم ليبيا وسوريا. أُسقطت أنظمة، لكن لم تُبنَ دول. النتيجة كانت الفوضى، صعود الميليشيات، وانهيار مجتمعات بالكامل. التاريخ يوضح أن إسقاط النظام أسهل من بناء ما بعده، وأن الشعوب غالبًا ما تدفع ثمن المغامرات السياسية.
قمع لا خلاف عليه… لكن ماذا عن البديل؟
لا يختلف اثنان على أن النظام الإيراني قمعي: من الاعتقالات والإعدامات إلى التمييز ضد النساء والأقليات، وتصدير الإرهاب عبر وكلائه في الإقليم. كما أنه يسعى لامتلاك سلاح نووي، ويدعم روسيا في أوكرانيا. لكن السؤال الأهم: من البديل؟ لا معارضة موحدة، ولا شخصية تحظى بثقة الشارع، بل إن أي نظام مدعوم خارجيًا سيفتقر للشرعية داخليًا.
ما بعد السقوط: فوضى لا نظام
إيران ليست دولة هشة يسهل السيطرة عليها، بل كيان متماسك أمنيًا ومؤسساتيًا، متعدد الأعراق، وغني بالموارد. إسقاط النظام لن ينهي الولاءات والشبكات المسلحة والبيروقراطية، بل قد يعيد تشكيلها في صورة صراعات دموية بين فصائل متنازعة، كما حدث في العراق وليبيا.
لا تراهنوا على “نموذج ألمانيا”
يستشهد البعض بألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية كنموذج ناجح. لكن هذا المثال تحقق ضمن ظروف استثنائية: احتلال كامل، تمويل ضخم، وإرادة دولية موحدة. إيران لا تنطبق عليها هذه الشروط، ولا يوجد استعداد دولي لإعادة بنائها. أي انهيار للنظام قد يقود إلى كارثة لا نهضة.
لحظة مغرية.. لكنها قد تكون فخًا
قد يرى البعض أن إيران الآن في لحظة ضعف: ضربات إسرائيلية، ضغط اقتصادي، وسخط شعبي. لكنها لحظة مضللة. لأن الأنظمة الثورية، كما تُظهر تجارب التاريخ، لا تسقط بسهولة. بل إن سقوطها غالبًا ما يكون بداية للفوضى، لا الاستقرار.
خلاصه: بين الطموح والواقع.. دروس لا يجب نسيانها
رغبة البعض في إسقاط النظام الإيراني مفهومة، لكن تحقيقها بنجاح قصة مختلفة. الحماسة وحدها لا تكفي، والتاريخ لا يرحم من يندفع بلا تخطيط. التغيير الحقيقي يحتاج أكثر من ضربة عسكرية أو مظاهرة شعبية؛ إنهمشروع طويل، معقد، ومحفوف بالمخاطر.