الحكومة الأميركية تواجه هجرة الكفاءات مع إقالة 154 ألف موظف اتحادي

تبدأ هذا الأسبوع عملية رحيل جماعي غير مسبوقة في الإدارة الأميركية، حيث يغادر أكثر من 150 ألف موظف اتحادي مواقعهم بعد قبولهم حوافز مالية مقابل الإقالة، في خطوة تُعدّ الأكبر منذ قرابة ثمانية عقود، وفقًا لما أعلنه مكتب الموارد البشرية في الحكومة الاتحادية.
وتأتي هذه الموجة في إطار برنامج حكومي لتقليص التكاليف وتحديث الهيكل الإداري، لكنه يثير مخاوف متزايدة لدى النقابات وخبراء الإدارة العامة بشأن فقدان الخبرات المؤسسية المتراكمة لعقود طويلة.
استقالات رسمية بعد أشهر من الغياب
وفقًا للمصادر الرسمية، بدأت اليوم الثلاثاء الاستقالات الرسمية للموظفين الذين انضموا إلى “برنامج تأجيل الخروج”، الذي سمح لهم بالبقاء على كشوف الرواتب حتى نهاية سبتمبر رغم مغادرتهم الفعلية لأماكن عملهم منذ شهور.
وأكد مكتب الموارد البشرية أن الغالبية العظمى من المغادرين كانوا في “إجازة مدفوعة الأجر طويلة” منذ الربيع، ما جعل مؤسسات حكومية عديدة تعمل بطاقات أقل من الحد الأدنى في بعض الأحيان.
مخاوف من فقدان الكفاءة والقدرة المؤسسية
نقابات موظفي القطاع العام حذّرت من أن هذا النزيف الجماعي في الطواقم الإدارية سيؤثر على جودة الخدمات الحكومية، خصوصًا في الوكالات التي تعتمد على الخبرة المتراكمة للتعامل مع الملفات الحساسة، مثل الأمن الداخلي، والصحة العامة، وإدارة الكوارث.
ويقول خبراء إن مثل هذا النوع من “الإقالات المحفَّزة ماليًا” قد يبدو جذابًا من منظور خفض الإنفاق، لكنه يخلّف فراغًا إداريًا يصعب تعويضه بسرعة، خاصة مع وجود فجوات في التوظيف وتراجع الإقبال على الوظائف الحكومية بين الشباب.
هل هي إعادة هيكلة أم بداية أزمة إدارية؟
رغم أن الحكومة الأميركية تروّج لهذا البرنامج باعتباره جزءًا من جهود “التحديث الإداري”، يرى مراقبون أن ما يحدث يعكس أزمة أعمق في القطاع العام، تتعلق بتحديات الأجور، وضغوط العمل، وقصور في استراتيجيات الاحتفاظ بالكفاءات.
وتبقى الأسابيع المقبلة حاسمة في اختبار قدرة الوكالات الفيدرالية على الاستمرار في أداء مهامها بفعالية وسط هذا التحول الكبير في مواردها البشرية.