كندا وسكانها الأصليون: عندما تُخفق العدالة ويُحرجها نموذج ترامب.
رغم الشعارات الليبرالية عن حقوق الإنسان، تواجه كندا انتقادات متزايدة لفشلها المزمن في إنصاف شعوبها الأصلية، في مقارنة محيّرة مع سياسات أمريكية أكثر واقعية خلال عهد ترامب.

رغم الشعارات الليبرالية عن حقوق الإنسان، تواجه كندا انتقادات متزايدة لفشلها المزمن في إنصاف شعوبها الأصلية، في مقارنة محيّرة مع سياسات أمريكية أكثر واقعية خلال عهد ترامب.
تُعرف كندا عالمياً بأنها منارة في الدفاع عن حقوق الإنسان والتعددية الثقافية، لكن هذه الصورة المثالية تتلاشى عند النظر إلى أوضاع السكان الأصليين من الأمم الأولى، والميتيس، والإنويت. ورغم الوعود المتكررة من الحكومات المتعاقبة، يعيش أكثر من مليون شخص من السكان الأصليين في أوضاع أقرب إلى التهميش والحرمان، ضمن دولة تُصنف من أغنى دول العالم.
وعود الماء النظيف… عقد من الوعود الفارغة
في 2015، تعهّد رئيس الوزراء جاستن ترودو بحل أزمة المياه الملوثة في مجتمعات السكان الأصليين خلال خمس سنوات. ومع اقتراب 2025، ما تزال عشرات المناطق، مثل “نسكانتاغا” في أونتاريو، تعاني من تحذيرات طويلة الأمد بشأن شرب الماء، بعضها قائم منذ أكثر من 30 عاماً.
النتيجة؟ وعود بلا تنفيذ، وسكان يشعرون وكأنهم خارج حسابات الدولة.
السجون تعكس عمق التمييز
السكان الأصليون يمثلون فقط 5% من عدد السكان، لكنهم يشكلون 32% من نزلاء السجون الفيدرالية، وأكثر من نصف السجينات. وحتى الإصلاحات التي جاءت لاستبدال الحبس الانفرادي، مثل “وحدات التدخل المنظم”، تحولت إلى مأزق جديد: 50% من نزلائها هم من السكان الأصليين، وسط غياب خدمات الصحة النفسية، وانتهاكات قانونية واضحة.
حكومة مارك كارني… الاستمرارية في الفشل
عندما تولّى مارك كارني رئاسة الحكومة في 2025، حمل معه وعوداً بالكفاءة والإصلاح المؤسسي. أُطلقت “استراتيجية العدالة للسكان الأصليين”، لكنها لم تغيّر شيئاً جوهرياً: المياه لا تزال ملوثة، السجون مكتظة، والحقوق الأساسية غائبة.
الوعود تتكرر، والمأساة تستمر.
المفارقة: هل أنصفت أمريكا شعوبها الأصلية أكثر؟
قد يبدو السؤال مستفزاً، لكنه مشروع: هل تعامل الولايات المتحدة، وخصوصاً خلال عهد ترامب، شعوبها الأصلية بشكل أفضل من كندا؟
المعطيات تشير إلى خطوات إيجابية أميركية:
برامج اقتصادية مثل “مناطق الفرص” أتاحت فرصاً تنموية.
الاعتراف بالسيادة القانونية للقبائل، مما منحها استقلالاً إدارياً أكبر.
حرية اقتصادية في إدارة مشاريع الطاقة والكازينوهات.
في المقابل، العلاقة في كندا لا تزال تخضع لنظام بيروقراطي معقّد، لا يعترف فعلاً بسيادة الشعوب الأصلية على أراضيها ومواردها.
دعم صحي أمريكي أفضل… رغم كل العيوب
رغم الانتقادات الموجهة لـ”الخدمة الصحية الهندية” في الولايات المتحدة، فإنها تظل مؤسسة تقدم دعماً هيكلياً لسكانها الأصليين، وهو أمر تفتقر إليه كندا تماماً. والسكان الأصليون في كندا لا يملكون نظاماً اتحادياً متكاملاً يعنى بصحتهم، ما يزيد من الهوة الصحية والنفسية بينهم وبين بقية الكنديين.
هل المسألة في الموارد… أم في الإرادة السياسية؟
المقارنة هنا ليست لتبييض سجل أمريكا، بل لتسليط الضوء على عمق إخفاق كندا. حين يفكر أطفال “أتاواپيسكات” في الانتحار بمعدلات تفوق المعدل الوطني بخمسة إلى عشرة أضعاف، فالمشكلة لم تعد في التمويل، بل في غياب الرغبة السياسية الحقيقية لإنهاء هذا الفصل من التمييز الهيكلي.
ترامب أم ترودو؟ مقارنة غير مريحة
قد لا يُصنّف ترامب كمدافع عن حقوق الإنسان، لكن سياساته تجاه السكان الأصليين الأمريكيين تضمنت بعض المكاسب العملية، بعكس الشعارات الكندية التي غالباً ما تبقى في إطار التجميل الخطابي. وكندا صاحبة السمعة الأخلاقية، باتت مطالبة اليوم بمراجعة ذاتها بجدّية، لا سيما حين تصبح المقارنة مع ترامب مُحرجة.
أقرأ أيضاً:
الولايات المتحدة ترصد 13.2 مليار دولار للدفاع الصاروخي في 2026: “القبة الذهبية” في الواجهة