كيف سترد إدارة ترامب على الهجوم الإسرائيلي ضد إيران؟
الولايات المتحدة وإيران: لحظة ضعف استراتيجية وفرص لا تتكرر

يشهد الشرق الأوسط تصعيدًا دراماتيكيًا في أعقاب الضربات العسكرية الإسرائيلية التي دمرت أجزاء كبيرة من البرنامج النووي الإيراني. ورغم أن طهران وحلفاءها الإقليميين في “محور المقاومة” يعيشون حالة غير مسبوقة من الضعف، إلا أن الموقف الأمريكي يظل محل تساؤل: هل ستغتنم إدارة ترامب هذه اللحظة التاريخية لتعزيز موقعها الاستراتيجي في المنطقة؟ أم ستقع في فخ التردد والازدواجية، فتمنح طهران فرصة لالتقاط أنفاسها واستعادة زمام المبادرة؟
يبدو أن الولايات المتحدة تقف الآن على مفترق طرق دقيق، حيث تفرض التطورات الميدانية على الرئيس دونالد ترامب صياغة موقف متوازن بين دعم الحليف الإسرائيلي ومواجهة النظام الإيراني دون التورط في مغامرات عسكرية مفتوحة أو انهيار إجماع الداخل الأمريكي.
انهيار المشروع النووي الإيراني: لحظة ضعف غير مسبوقة
خلال الشهور الماضية، تعرضت المنشآت النووية الإيرانية لسلسلة من الضربات التي نسب معظمها لإسرائيل، وشارك فيها الجيش الأمريكي في مرحلة لاحقة. ونتيجة لذلك، لحقت أضرار جسيمة بمواقع حساسة، قُتل عدد من أبرز العلماء والقادة العسكريين، وتراجعت قدرة إيران على الردع النووي. كما تم تحجيم قدرات “حزب الله” اللبناني، وأُضعفت حركتا حماس والجهاد الإسلامي في غزة. حتى نظام بشار الأسد، الحليف الأساسي لطهران، بات يقيم في موسكو وسط عزلة إقليمية خانقة.
مأزق طهران: النظام الذي هتف “الموت لأمريكا” أصبح تحت رحمتها
بشكل غير مسبوق، وجدت طهران نفسها مكشوفة عسكريًا، محاصرة سياسيًا، ومعزولة اقتصاديًا. ولم تعد تملك أدوات فعالة لردع تل أبيب أو واشنطن. ما تملكه الآن لا يتعدى الشعارات، وبعض قدرات إلكترونية ومليشياوية محدودة التأثير، الأمر الذي جعل مراقبين يصفون إيران بـ”النمر الورقي” في هذه المرحلة الحرجة.
أخطاء ترامب: لماذا يوبخ الحليف ويهادن الخصم؟
رغم الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، إلا أن ترامب وجه في الأسابيع الأخيرة انتقادات علنية للحكومة الإسرائيلية لتجاوزها “اتفاق وقف إطلاق النار” الذي رعته واشنطن. هذا الخطاب المتناقض أرسل إشارات مربكة للحلفاء الإقليميين، وقلص من صدقية الولايات المتحدة كضامن لحماية أمن حلفائها من التهديد الإيراني، ما يثير تساؤلات عن مدى التزام واشنطن تجاه أمن إسرائيل على المدى الطويل.
فرصة نادرة: خمسة مسارات أمام إدارة ترامب
يشير الكاتب إلى أن أمام البيت الأبيض خمسة خيارات واضحة لتعظيم المكاسب الاستراتيجية:
الاستمرار في الضغط الدبلوماسي والعسكري على إيران، دون تقديم تنازلات من شأنها إنعاش النظام في طهران.
الحذر من الاندفاع نحو “سلام زائف” مع إيران، إذ قد تستغل طهران أي هدنة لإعادة بناء منشآتها النووية.
منح إسرائيل هامشًا أكبر للتحرك الدفاعي، دون فرض قيود سياسية تعيق ردعها للتهديد الإيراني.
الابتعاد عن خطابات “تغيير النظام”، لما تسببه من قلق لدى الحلفاء، وتذكير بتجربة العراق الكارثية.
بناء توافق حزبي داخلي حول الهدف الاستراتيجي وهو تقليص قدرة إيران على تهديد الولايات المتحدة وحلفائها، دون الانزلاق إلى مواجهة عسكرية مفتوحة.
الاتفاق النووي الجديد: هل تعود أمريكا إلى طاولة المفاوضات؟
يرى محللون أن أي مسعى تفاوضي جديد مع طهران يجب ألا يكرر أخطاء الاتفاق النووي لعام 2015. ينبغي أن يتضمن أي اتفاق مستقبلي بنودًا صارمة تتعلق بالصواريخ الباليستية والدعم الإيراني للإرهاب الإقليمي، لا مجرد حدود تخصيب اليورانيوم. المشكلة ليست فقط في “القنبلة”، بل في الأيديولوجيا التي قد تستخدمها.
قلق في الداخل الأمريكي: الكونغرس منقسم وترامب يناور
رغم تأييد بعض المشرعين لضربات إدارة ترامب، إلا أن هناك من يرى أن الرئيس تجاوز صلاحياته بشن عمليات عسكرية دون الرجوع إلى الكونغرس. هذه المعضلة القانونية قد تهدد أي استراتيجية طويلة الأمد ضد إيران، ما لم يسعَ ترامب إلى توافق حزبي أوسع يوفر له غطاءً سياسيًا.
ماذا لو استعادت إيران زمام المبادرة؟
في حال قررت طهران إعادة بناء منشآتها النووية بشكل متسارع، فإن الشرق الأوسط قد يدخل مجددًا في سباق مع الزمن. إسرائيل لن تقبل بتهديد نووي إيراني حتى لو تطلب ذلك توجيه ضربات استباقية جديدة، وهذا سيعيد شبح المواجهة الكبرى إلى الواجهة.
التحدي الأكبر: استثمار اللحظة أم إضاعتها؟
تعيش إيران اليوم لحظة ضعف استراتيجية نادرة. والولايات المتحدة أمام خيارين: إما استثمار هذه اللحظة لبناء نظام ردع طويل الأمد يحدّ من طموحات طهران، أو التردد والتنازل، ما سيمنح النظام الإيراني فرصة لإعادة التموضع والعودة إلى سباق التسلح والسيطرة بالوكالة على المنطقة. الإدارة الأمريكية مطالبة بالوضوح، لا بالمساومة.
خلاصة التقرير:
الهجوم الإسرائيلي الأخير على المنشآت النووية الإيرانية غيّر ميزان القوة الإقليمي. لكن إدارة ترامب مطالبة الآن بأن تُترجم هذه اللحظة إلى استراتيجية طويلة المدى، لا إلى ردود فعل متقطعة. فإما أن تنجح في فرض قواعد جديدة للردع وتثبيت مكانة واشنطن كقوة ضامنة للأمن، أو تعود إيران إلى الواجهة أكثر شراسة بعد أن تتجاوز أزمتها الحالية. اللحظة حاسمة، والفرصة قد لا تتكرر.
اقرأ أيضاً
71 قتيلاً في هجوم إسرائيلي على سجن إيفين بطهران: تفاصيل وحقائق صادمة