رسائل حقد في الأرحام: جرائم اغتصاب ممنهجة ضد نساء تيغراي في صمت عالمي مريب
"شهادات موجعة من نساء تيغراي تكشف عن جرائم جنسية ممنهجة وسط صمت دولي مريب"

لم تكن الاعتداءات الجنسية في تيغراي عرضية أو نتيجة فوضى الحرب، بل كانت جزءًا من سياسة ممنهجة لتدمير القدرة الإنجابية للنساء. فوفق القانون الدولي، أي محاولة لمنع مجموعة إثنية من الإنجاب تدخل ضمن تعريف الإبادة الجماعية، وهو ما تؤكده الرسائل التي عُثر عليها داخل أرحام النساء، والتي حملت عبارات صريحة هدفها الإخصاء القومي.
أدوات الجريمة: مسامير ومقصات ورسائل كراهية

كشفت الأشعة الطبية والتدخلات الجراحية عن مشاهد لا تصدق: مسامير صدئة، مقصات أظافر، عبوات بلاستيكية ورسائل ملفوفة داخل أكياس، أُدخلت جميعها إلى أرحام الضحايا خلال الاعتداءات. لم يكن الهدف إشباعًا مرضيًا فقط، بل إيذاء دائم، وعقوبة جسدية ونفسية لا تندمل، كما أظهرت الأشعة التي نشرتها فرق طبية في عيادات ميدانية داخل تيغراي.
صمت طبي تحت التهديد: الخوف يطرد العلاج
منعت قوات الاحتلال الصحية المحلية من تقديم العلاج، وهددت الطواقم التي حاولت مساعدة النساء. بعض الممرضات أخفين الأدلة في خزائن مغلقة، ووثقن الحالات يدويًا خوفًا من تدمير السجلات. آلاف النساء لم يتلقين أي علاج، وبعضهن نزفن لأشهر أو أصبن بعدوى قاتلة بسبب الأجسام الغريبة المتعفنة داخل أجسادهن.

الشهادات تصرخ: لا صوت يعلو فوق الألم

تحدثت نساء عديدات لصحيفة الغارديان، من بينهن تسنيآت التي اغتُصبت بعد أسبوع فقط من إنجابها لتوأم، ثم أُغمي عليها بعد حقنها بمادة غير معروفة، لتستيقظ بعد عامين على آلام لا تُحتمل ومقص أظافر في رحمها. تقول: “فكرت في الانتحار… أريد فقط العدالة”.
اقرا أيضاً:
الوطنية تُعلن مواعيد انتخابات مجلس الشيوخ وتفتح باب الترشح رسميًا
الناجيات وحيدات: المساعدات تتبخر والدعم يتقلص

رغم بشاعة الجرائم، فإن معظم النساء لم يتلقين دعمًا نفسيًا أو طبيًا مناسبًا. أكثر من 90% منهن لم يحصلن على أي علاج، خاصة بعد توقف المساعدات الأمريكية والبريطانية مؤخرًا، مما أدى إلى إغلاق العيادات المتنقلة ومراكز العلاج النفسي القليلة التي كانت تقدم الرعاية للمصابات.
إريتريا في قلب الاتهام… وخارج المساءلة

تظهر معظم الشهادات أن جنودًا إريتريين كانوا من بين أبرز المنفذين لجرائم الاغتصاب، لكن إريتريا ليست طرفًا في اتفاق وقف إطلاق النار، وترفض المشاركة في أي تحقيقات دولية. رئيسها إسياياس أفورقي وصف التقارير الحقوقية بأنها “خيال”، في تحدٍ صارخ للمجتمع الدولي.
العدالة الانتقالية.. غطاء سياسي أم تبييض للجرائم؟

الحكومة الإثيوبية تروج لما تسميه “عدالة انتقالية”، لكن منظمات حقوقية وأطباء مشاركون في التوثيق وصفوا العملية بأنها “مهزلة”، إذ لم تشمل التحقيق مع كبار المسؤولين، ولا الاعتراف بالجرائم كجرائم ضد الإنسانية، في ظل سعي سياسي واضح لطي الصفحة دون محاسبة حقيقية.
أطباء تحت الصدمة: لم نر مثل هذا من قبل

أكد أطباء في مستشفى “آيدر” في ميكيلي، أن أول حالة من هذا النوع تركتهم في صدمة شديدة، لكن الحالات تكررت. وقال رئيس قسم الأطفال إن الأجسام المعدنية كانت تخترق الرحم لتصل إلى الأمعاء أو الأوعية الدموية، وقد تؤدي إلى الموت في كثير من الحالات.
أطفال نجوا من النار… وتركوا بلا أمل

روت طفلة عمرها 15 عامًا كيف رأت أمها تُغتصب أمامها، فصرخت، فقام الجنود بصبّ الماء المغلي على بطنها. الطفلة تعيش اليوم بآثار حروق ضخمة، وصدمة نفسية أفقدتها القدرة على تكوين علاقات اجتماعية. أحلامها في أن تصبح طبيبة تواجه واقعًا بلا علاج ولا دعم.
الجثث في المقابر الجماعية… والناجيات في عزلة

روت إحدى الناجيات، وتدعى “ألانا”، كيف دُفنت صديقتها التي ماتت بعد اغتصاب جماعي من 14 جنديًا، بيدها. عندما عادت لاحقًا لتحديد قبرها، عجزت عن التعرف عليه، فقد امتلأ المكان بجثث مجهولة دفنت على عجل. القبور الجماعية أصبحت سمة النهاية، فيما تركت الناجيات لمواجهة ندوب لا تمحى.
اقرا أيضاً:
أوروبا تشتعل: موجة حر تاريخية تشل الحياة وتتسبب في وفيات وحرائق