علوم وتكنولوجيا

“هناك شيء مفقود”: الذكاء الاصطناعي العام، الذكاء الخارق، والسباق نحو المستقبل

بقلم دان ميلمو ودارا كير - 9 أغسطس 2025

في الوقت الذي تتسابق فيه شركات التكنولوجيا الأمريكية والصينية العملاقة نحو تحقيق الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، يُحذّر الخبراء من أن الضجة المحيطة بهذه التقنية قد تتجاوز التقدم العلمي اللازم لتحقيقها. هذا الأسبوع، وصف سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، أحدث تحديث لنموذج ChatGPT بأنه “خطوة مهمة على طريق الذكاء الاصطناعي العام”، ولكنه أقرّ أيضًا بأنه لا يزال يعاني من عيوب كبيرة، بما في ذلك عدم قدرته على التعلم المستمر بعد الإطلاق. يشير الذكاء الاصطناعي العام، وفقًا لتعريف OpenAI، إلى نظام عالي الاستقلالية قادر على أداء أي وظيفة بشرية، لكن ألتمان أشار إلى أن التكنولوجيا الحالية بعيدة كل البعد عن تحقيق ذلك.

 

منافسة شرسة واستثمارات ضخمة

 

على الرغم من هذه القيود، لا تزال المنافسة في سباق الذكاء الاصطناعي العام شرسة، حيث تستثمر شركات كبرى مثل Meta وGoogle وشركات تقنية أخرى مليارات الدولارات. زعم مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، مؤخرًا أن تطوير الذكاء الفائق – وهو شكل نظري من الذكاء الاصطناعي يتفوق على القدرات المعرفية البشرية – أصبح “بمتناول اليد”، مما يشير إلى أن شركات التكنولوجيا الكبرى تضع نصب أعينها هذا الأفق الجديد للذكاء الاصطناعي.

 

تحذيرات من غموض علمي

 

في حين يتزايد الحديث عن وعود الذكاء الاصطناعي العام والذكاء الفائق من قِبل عمالقة التكنولوجيا، حذّر بنديكت إيفانز، محلل التكنولوجيا، من أن السعي وراء الذكاء الاصطناعي العام يجري في ظلّ غموض علمي. وقارن الجهود الحالية لبناء الذكاء الاصطناعي العام ببرنامج أبولو، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا تُبنى دون فهم نظري واضح لسبب نجاح نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية الحالية أو ما هو مطلوب بالضبط للوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام.

 

تعريفات أضيق للذكاء الاصطناعي العام

 

تُسلّط تعليقات إيفانز الضوء على الطبيعة التخمينية لتطوير الذكاء الاصطناعي العام، حيث يُقدّم علماء الذكاء الاصطناعي تنبؤات مختلفة بناءً على تفسيراتهم و”مشاعرهم” الخاصة بدلًا من البيانات العلمية الملموسة. مع ذلك، يعتقد بعض الخبراء أن نسخةً أكثر محدوديةً من الذكاء الاصطناعي العام، تُعرّف بأنها أداءٌ بمستوى الإنسان في معظم المهام الرقمية ذات الأهمية الاقتصادية، قد تكون قابلةً للتحقيق بحلول نهاية العقد. وأشار آرون روزنبرغ، الشريك في شركة رأس المال الاستثماري “راديكال فينتشرز”، إلى إمكانية تحقيق تعريفٍ أضيق للذكاء الاصطناعي العام، يشمل أداءً بمستوى الإنسان في حوالي 80% من المهام الرقمية، خلال السنوات الخمس المقبلة.

 

الأرباح الضخمة لنماذج الذكاء الاصطناعي الحالية

 

في حين أن هدف الذكاء الاصطناعي العام قد يكون بعيد المنال، إلا أن نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية المتداولة بالفعل أثبتت أنها مربحة للغاية. ووفقًا للتقارير، فقد وصلت الإيرادات السنوية المتكررة لشركة OpenAI بالفعل إلى 13 مليار دولار، ومن المتوقع أن تتجاوز 20 مليار دولار بحلول نهاية العام. وتأتي هذه الزيادة في الإيرادات نتيجةً للطلب المتزايد على المنتجات والخدمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، حتى أن الشركة تُجري مناقشاتٍ حول بيع أسهمٍ من شأنها أن تُقدّر قيمتها بحوالي 500 مليار دولار، مما يجعلها واحدةً من أكثر شركات الذكاء الاصطناعي قيمةً على مستوى العالم.

 

مخاطر المبالغة في توقعات الذكاء الفائق

 

ومع ذلك، يُجادل بعض الخبراء بأن التركيز على الأنظمة فائقة الذكاء يُولّد توقعاتٍ غير واقعية. حذّر ديفيد بادر، مدير معهد علوم البيانات في معهد نيوجيرسي للتكنولوجيا، من أن الكثير من الحديث حول الذكاء الفائق مدفوعٌ بالوضع التنافسي أكثر من الإنجازات التقنية الفعلية. وأكد أنه على الرغم من التحسينات المذهلة في قدرات محددة، مثل تحسين التفكير المنطقي وتعزيز الفهم متعدد الوسائط، إلا أن الذكاء الفائق الحقيقي – أي الأنظمة التي تتجاوز الأداء البشري في جميع المجالات المعرفية – لا يزال بعيد المنال.

 

ميزانيات ضخمة تنافس الإنفاق الدفاعي

 

مع اشتداد المنافسة على الذكاء الاصطناعي العام، من المقرر أن تنفق شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى، بما في ذلك ألفابت (الشركة الأم لجوجل)، وميتا، ومايكروسوفت، وأمازون، ما يقرب من 400 مليار دولار على الذكاء الاصطناعي في عام 2025. وهذا المبلغ يفوق إجمالي الإنفاق الدفاعي للعديد من دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة، مما يؤكد المنافسة العالمية على التفوق في مجال الذكاء الاصطناعي.

 

الصين تنافس بقوة

 

كما تبرز الصين كلاعبٍ قوي في سباق الذكاء الاصطناعي العام. فقد طورت شركات مثل ديب سيك نماذج ذكاء اصطناعي قوية تُنافس أفضل أعمال أوبن إيه آي، حيث وصلت بعض النماذج إلى أعلى التصنيفات من حيث الذكاء والسعر والسرعة. وتكتسب الشركات الصينية زخماً متزايداً، حيث تستخدم بالفعل شركات كبرى مثل أرامكو السعودية، التي أبلغت عن تحسينات في أنظمة تكنولوجيا المعلومات الخاصة بها، تقنية الذكاء الاصطناعي التي طورتها شركة DeepSeek.

 

الذكاء الاصطناعي كمحور للهيمنة التكنولوجية

 

أصبح التنافس بين الولايات المتحدة والصين في مجال الذكاء الاصطناعي الآن جانبًا رئيسيًا من السباق العالمي، حيث أكد براد سميث، رئيس شركة مايكروسوفت، على أهمية التبني الواسع النطاق في تحديد الدولة التي ستقود تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وكما هو الحال مع المنافسة في مجال الجيل الخامس، فإن ترسيخ الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي أمر بالغ الأهمية للهيمنة التكنولوجية المستقبلية، مما يزيد من أهمية ضمان التبني العالمي لنماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بكل من الولايات المتحدة والصين.

اقرأ أيضاً

تحوّل استراتيجي في وادي السيليكون: عندما تفتح OpenAI أبوابها لمواجهة الصين

مستقبل غير مؤكد لكن واعد

 

على الرغم من الشكوك والتحديات، لا يزال السعي وراء الذكاء الاصطناعي العام (AGI) محور اهتمام شركات التكنولوجيا والباحثين، مع تدفق مليارات الدولارات إلى أبحاث وتطوير الذكاء الاصطناعي. وبينما لا يزال بعض الخبراء حذرين بشأن جدوى الذكاء الاصطناعي العام (AGI) والذكاء الخارق في المستقبل القريب، فإن الإجماع المتزايد هو أن الذكاء الاصطناعي يسير على طريق تقدم كبير. ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا المسار سيؤدي إلى الذكاء الاصطناعي العام (AGI) أو شكل مختلف من الذكاء الاصطناعي عالي الكفاءة.

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى