عرب وعالم

سموتريتش: غزة “كنز عقاري” ومفاوضات مع واشنطن لتقسيم الأرض

في تصريحات تكشف عن نوايا إسرائيلية واضحة تجاه قطاع غزة، أعلن وزير المالية الإسرائيلي المتطرّف بتسلئيل سموتريتش أن حكومته بدأت مفاوضات مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن خطة لتحويل غزة إلى ما سماه “ثروة عقارية”. الخطة، التي وصفها بأنها “رؤية طوباوية”، تستهدف إعادة صياغة مستقبل القطاع بعد الحرب عبر تحويله إلى مشروع عقاري ضخم يموّل نفسه ذاتيًا. هذه هي المرة الأولى التي يعترف فيها مسؤول إسرائيلي رسميًا بوجود نقاشات مع الولايات المتحدة حول مستقبل أراضي غزة، ما يثير مخاوف من محاولة شرعنة مخططات تهجير قسري وتغيير ديمغرافي تحت غطاء التنمية.

 

حرب متواصلة تحت شعار “عربات جدعون 2”

 

تزامنت تصريحات سموتريتش مع استمرار العدوان الإسرائيلي المكثف على قطاع غزة، حيث يركّز جيش الاحتلال عملياته العسكرية على مدينة غزة بهدف السيطرة الكاملة عليها. العملية تأتي ضمن خطة عسكرية واسعة النطاق أقرها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تحت مسمى “عربات جدعون 2″، بزعم القضاء على ما تبقى من معاقل حركة حماس. لكن في الواقع، يواجه المدنيون موجة غير مسبوقة من العنف، وسط تدمير متعمد للبنية التحتية والمرافق الحيوية، وهو ما يثير تساؤلات حول الهدف الحقيقي من الحملة، خصوصًا في ظل تصريحات سموتريتش الأخيرة حول “الهدم تمهيدًا للبناء”.

 

“الهدم مرحلة أولى”.. والآن وقت البناء

 

أوضح وزير المالية الإسرائيلي أن حكومته “أنجزت مرحلة الهدم”، معتبرًا إياها الخطوة الأولى في خطته لإعادة تشكيل غزة. وأضاف أن المرحلة التالية هي “البناء”، في إشارة إلى مشاريع عقارية وسياحية مزعومة يتم تسويقها كفرص تنموية. هذه التصريحات تأتي بعد تقارير أمريكية، أبرزها في صحيفة واشنطن بوست، كشفت عن خطة لإعادة إعمار غزة تحت إشراف أمريكي يمتد لعشر سنوات، بهدف تحويل القطاع إلى منتجع سياحي ومركز تكنولوجي. غير أن هذه الرؤية تثير مخاوف جدية من كونها غطاءً لإعادة رسم خريطة الملكية والسيادة على حساب الفلسطينيين وسكان القطاع الأصليين.

 

تدمير ممنهج وتهجير قسري

 

على أرض الواقع، ينفذ جيش الاحتلال سياسة تدمير واسعة النطاق للمباني والأحياء السكنية، مستخدمًا القصف الجوي والمدفعي، إضافة إلى نسف المنازل بالروبوتات المفخخة. آلاف الأبراج والمرافق المدنية سُويت بالأرض، في خطوة يرى مراقبون أنها تهدف إلى تفريغ غزة من سكانها الأصليين عبر فرض نزوح قسري متسارع. هذه الممارسات لم تؤد فقط إلى ارتفاع أعداد الضحايا من المدنيين، بل ساهمت أيضًا في تعميق الكارثة الإنسانية داخل القطاع، حيث يعيش الأهالي بين فقدان المأوى والخوف المستمر من الاستهداف.

 

حصيلة بشرية مأساوية وأزمة إنسانية متصاعدة

 

أسفر العدوان الإسرائيلي المستمر منذ نحو عامين عن خسائر بشرية غير مسبوقة، إذ تجاوز عدد الشهداء 65 ألفًا، فيما أُصيب عشرات الآلاف بجروح متفاوتة. ومع النقص الحاد في الغذاء والدواء، ارتفعت حالات الوفاة الناتجة عن الجوع وسوء التغذية، خصوصًا بين الأطفال والنساء. الوضع الصحي يزداد سوءًا مع انهيار المستشفيات وعدم قدرة المنظمات الإنسانية على تلبية الاحتياجات المتزايدة. وبالتوازي مع التدمير الممنهج، تبدو غزة اليوم أمام كارثة متكاملة الأبعاد، حيث يتداخل النزوح الجماعي مع فقدان أبسط مقومات الحياة.

 

مستقبل غزة بين أطماع الاحتلال وصمود السكان

 

تصريحات سموتريتش تعكس بوضوح رؤية إسرائيلية تعتبر غزة “كنزًا عقاريًا”، بينما يعيش سكانها كارثة إنسانية خانقة. وبينما تسعى تل أبيب لتسويق خططها كمسار للتنمية وإعادة الإعمار، يراها الفلسطينيون محاولة لتصفية قضيتهم عبر التهجير وإعادة توزيع الأرض. ومع استمرار الحرب وسياسة الهدم الممنهج، يظل مستقبل القطاع معلقًا بين أطماع الاحتلال وصمود شعب يواجه أقسى الظروف دفاعًا عن أرضه وحقه في الحياة.

اقرأ أيضاً

“ليلة القيامة”فى غزة : خوف وعنف يسيطران على المدنيين 

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى