عرب وعالم

غزة بين المجاعة والموت: الأونروا ومنظمات أممية تدق ناقوس الخطر

في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تتكشف يومًا بعد يوم أبعاد مأساة إنسانية غير مسبوقة. الأرقام الواردة من الوكالات الأممية والمنظمات الدولية تكشف عن واقع يختزل حجم الكارثة: مئات من موظفي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” قُتلوا أو اعتُقلوا، آلاف العاملين الصحيين فقدوا حياتهم أو أُصيبوا خلال استهداف المرافق الطبية، فيما يواجه الأطفال في القطاع خطر الجوع اليومي وسط حصار خانق. المشهد يزداد قتامة مع تحذيرات متواصلة من تدهور الأوضاع الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة، حيث يئن السكان بين قصف مستمر ونقص حاد في الغذاء والدواء، بينما تطالب المنظمات الدولية المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف الكارثة قبل أن تتحول غزة إلى مقبرة مفتوحة لمستقبلها وأجيالها القادمة.

 

نزيف موظفي الأونروا: استهداف مباشر وممنهج

 

أكد فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا، أن أكثر من 370 موظفًا من الوكالة قُتلوا منذ أكتوبر 2023، بينما تجاوز العدد الإجمالي للضحايا والمعتقلين 410. وأوضح أن الأرقام الحقيقية قد تكون أعلى، في ظل صعوبة الحصول على معلومات دقيقة بسبب الحركة المستمرة للسكان بين شمال وجنوب القطاع. رغم الخسائر البشرية الكبيرة، شدّد لازاريني على التزام الوكالة بمتابعة رسالتها الإنسانية، مؤكدًا أن عملها في غزة سيستمر حتى التوصل إلى حل عادل لمعاناة اللاجئين الفلسطينيين، في وقت تتصاعد فيه التحذيرات من انهيار المنظومة الإنسانية بالكامل نتيجة الهجمات المتكررة.

لازاريني: مقتل أكثر من 370 موظفًا بأونروا في غزة والوكالة تواصل رسالتها رغم الكارثة الإنسانية

القطاع الصحي على حافة الانهيار

 

في السياق ذاته، كشفت منظمة الصحة العالمية عن حجم الكارثة الصحية في غزة، مؤكدة أن عام 2024 وحده شهد 821 هجومًا على مرافق الرعاية الصحية، أسفر عن مقتل 1121 عاملًا صحيًا وإصابة 645 آخرين. المنظمة دعت إلى ضرورة احترام وحماية المنشآت الطبية والعاملين فيها، وضمان استمرار تقديم الخدمات دون أي تهديد أو عنف. من جانبها، أوضحت ليلى بيكر، المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، أن النساء والفتيات يتحملن العبء الأكبر من المأساة، حيث تواجه الحوامل والمرضعات صعوبات هائلة في الحصول على الرعاية الأساسية وسط نقص الإمدادات الطبية والدوائية.

 

جوع الأطفال.. صرخة إنسانية تتصاعد

 

أظهرت بيانات الأونروا أن طفلًا من بين كل ثلاثة أطفال في غزة لم يتناول أي طعام خلال 24 ساعة، في مؤشر صارخ على تفاقم الأزمة الغذائية. التقييم السريع الذي أجرته لجنة الإنقاذ الدولية أكد أن الحصار الإسرائيلي أدى إلى مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي. الظروف المعيشية القاسية دفعت الكثير من الأطفال إلى العمل المبكر أو التسول القسري لتأمين لقمة العيش. وحذّرت الأونروا من أن “الثمن الذي يدفعه الأطفال وطفولتهم لم يعد يُطاق”، مجددة مطالبتها بوقف فوري لإطلاق النار، باعتباره السبيل الوحيد لإنقاذ جيل بأكمله من خطر المجاعة والحرمان.

الأونروا: أطفال غزة يواجهون مجاعة غير مسبوقة تحت الحصار.

مأساة إنسانية تنتظر صحوة ضمير

 

تتقاطع بيانات الأونروا ومنظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للسكان في رسم صورة واحدة: غزة تواجه انهيارًا شاملاً يهدد حياة الملايين. الموظفون الإنسانيون، العاملون الصحيون، النساء، والأطفال جميعهم في عين العاصفة. ورغم التحذيرات الأممية المتكررة، لا تزال آلة الحرب الإسرائيلية ماضية في تدمير البنية الإنسانية للقطاع. وبينما يفتقد الفلسطينيون لأبسط مقومات الحياة، تتجه الأنظار نحو المجتمع الدولي الذي يملك وحده القدرة على الضغط من أجل وقف إطلاق النار وتوفير ممرات آمنة للمساعدات. غزة اليوم تصرخ بأعلى صوتها: إنقاذ الإنسان لم يعد خيارًا، بل ضرورة ملحة قبل فوات الأوان.

اقرأ أيضاً

مصر تحذر: التهجير خط أحمر.. ولا سلام دون دولة فلسطينية مستقلة

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى