اوزي اوزبورن… أمير الظلام وأمير اللطف في آن واحد
أوزي أوزبورن: أمير الظلام أم أمير اللطف؟

في زمن تُختزل فيه الشهرة والقوة في مظاهر متضخمة من السيطرة والنرجسية، نادراً ما يصادف المرء لحظة إنسانية خالصة مع نجم عالمي تتجرد فيها الأضواء من وهجها ويظهر فيها القلب على حقيقته. هذا تماماً ما حدث مع الصحفي الأمريكي أندرو فونتز، حين التقى بأسطورة الروك البريطانية أوزي أوزبورن، المعروف بلقب “أمير الظلام”، ليكتشف أنه في الواقع… أمير للطف أيضًا.
لقاء غير متوقع يبدأ بباب خشبي ضخم
في عام 2005، عندما كانت عائلة أوزبورن تحصد أعلى نسب المشاهدة في برنامجها الواقعي على MTV، حصل أندرو على فرصة نادرة لإجراء مقابلة مع أوزي لمجلة ثقافية في لوس أنجلوس. وصل الصحفي إلى منزل أوزبورن مرتديًا عباءة لامعة شبيهة بجلد الأفعى، استحضارًا لروح الهارد روك التي كبر وهو يستمع إليها. لكنه لم يكن يتوقع أن النجم العالمي هو من سيستقبله بنفسه عند الباب، بابتسامة حقيقية وإطراء على ذوقه الغريب في الملابس.
شاي إنجليزي وحديث بشري صادق
بدلًا من المقابلة الرسمية المتوقعة، بدأ اللقاء بصنع الشاي. أوزي لم يطلب من أحد العاملين إعداد الضيافة، بل قام بذلك بنفسه وسأل أندرو كيف يفضل الشاي. هذا التصرف البسيط، الذي نادرًا ما يصدر عن المشاهير، كشف عن طابع أوزي الإنساني وأسلوبه المباشر في التواصل، بعيدًا عن التكلّف. والأهم من كل ذلك، أنه كان مهتمًا فعليًا بمحاوره، يسأله عن حياته، ويستمع إليه كما لو أنه صديق قديم.
من صالة الجلوس إلى أسرار “سباينال تاب”
في ظل الألفة التي بدأت تتكون، تطرّق الحوار إلى أمور فنية وشخصية: روتينه الرياضي الصارم، مذكراته غير المكتملة، وتعليقه الطريف على الفيلم الشهير This Is Spinal Tap الذي اعتقد في البداية أنه وثائقي حقيقي. بأسلوب ساخر ومليء بالحكايات، تحدث أوزي عن مغامرات الفرقة بعد مغادرته، مثل تصميمهم لنسخة ضخمة من “ستونهنج” تجاوزت حجم المعلم الحقيقي وتسببت في كوارث لوجستية في إحدى الحفلات.
القلق المهني لا مكان له مع أوزي
رغم الأجواء الودية، لم يخلُ اللقاء من توتر داخلي لدى الصحفي، فقد كان يخشى ألا يتمكن من الحصول على مادة كافية للمقال. لكن سرعان ما تبدد هذا القلق عندما بدأ أوزي يتحدث بلا انقطاع، مشاركًا بتفاصيل ثرية ومثيرة. الحديث لم يكن مقابلة تقليدية، بل جلسة إنسانية ملهمة بين شخصيتين تنتميان لعوالم مختلفة، اجتمعتا على موسيقى وشاي وأحاديث من القلب.
مفاجأة الوداع: استمع إلى الموسيقى معي
عند نهاية المقابلة، ظن أندرو أن اللقاء قد انتهى، فبدأ بجمع معداته. لكن أوزي بادره بدعوة مفاجئة: “هل تود البقاء وسماع بعض المقاطع من صندوق الألبومات الذي سأطلقه؟” انتقلا إلى غرفة الاستماع، وبدأ أوزي يشغّل الأغاني ويشاركه ذكريات كل مقطع. الأجمل من ذلك، أنه كان يسأل أندرو عن رأيه بصراحة، مستفسرًا بتواضع عمّا إذا كانت الموسيقى جيدة من وجهة نظره.
الشهرة والسلطة… بنكهة مختلفة
في زمن يُستخدم فيه النفوذ لقمع الآراء والتلاعب بالصورة العامة، كان أوزي نموذجًا مختلفًا لما يمكن أن تفعله الشهرة. لم يستخدم سلطته لفرض نفسه أو تقليص الآخر، بل على العكس، استخدمها لخلق مساحة للآخرين ليكونوا أنفسهم. كان حاضرًا بكليّته في كل لحظة، صادقًا، بسيطًا، ومهتمًا حقًا.
درْس إنساني من أمير الظلام
اللقاء مع أوزي لم يكن مجرد مادة صحفية، بل كان تجربة إنسانية غيّرت نظرة الكاتب إلى ما تعنيه الشهرة. فوسط عصر تُختصر فيه العلاقات الإنسانية خلف الشاشات والتعليقات، كان أوزي يُجسّد المعنى العميق للاتصال الحقيقي. أندرو يلخص التجربة بكلمات بسيطة ومؤثرة: “سيُذكر أوزي إلى الأبد كأمير الظلام، لكنني سأذكره كأمير اللطف”