عرب وعالم

غزة بين الموت البطيء وانعدام الأمن الغذائي: كارثة إنسانية تتفاقم

يعيش قطاع غزة اليوم واحدة من أكثر مراحله قسوة في ظل عدوان إسرائيلي مستمر منذ أكثر من 22 شهرًا، خلّف وراءه أزمة إنسانية غير مسبوقة. فالمستشفيات والمراكز الصحية تنهار تحت ضغط القصف وسياسات الإخلاء القسري، فيما يواجه الأطفال ارتفاعًا قياسيًا في معدلات سوء التغذية، وسط نقص حاد في الغذاء والمياه والدواء. وفي ظل هذا الوضع، باتت عائلات غزة بلا مأوى آمن، تقاوم للبقاء على قيد الحياة وسط موت بطيء يطال أكثر من مليوني إنسان. وبينما تحذر المنظمات الدولية من خطورة الكارثة، يبقى التدخل الدولي غائبًا عن حماية المدنيين، ما ينذر بمستقبل أكثر ظلامًا للقطاع المحاصر.

 

انهيار تام للمنظومة الصحية

 

أكد الدكتور بسام زقوت، مدير جمعية الإغاثة الطبية في غزة، أن القطاع الصحي يمر بانهيار كامل نتيجة الاستهداف المتواصل للمستشفيات والمراكز الطبية. وأوضح أن الاحتلال أجبر مؤسسات صحية كبرى مثل مستوصف الشيخ رضوان وعيادة الشاطئ على الإخلاء الفوري، ما حرم آلاف المرضى من الرعاية. وأشار إلى أن المستشفيات باتت تقتصر على استقبال الإصابات الطارئة فقط، في وقت يعجز فيه الأطباء عن معالجة أمراض مزمنة وخطيرة. النقص الحاد في الأدوية والمعدات والطواقم الطبية يهدد بإغلاق مستشفيات رئيسية مثل الأهلي المعمداني، وسط استمرار القصف الذي يضع المدنيين في مواجهة موت محقق.

صورة توضح حجم الدمار الذي لحق بمستشفى الشفاء في غزة

أطفال غزة في مواجهة الجوع وسوء التغذية

 

من جانبها، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف من أن الوضع الغذائي للأطفال في غزة وصل إلى مستويات غير مسبوقة. فقد أظهرت بيانات أغسطس الماضي أن 13.5% من الأطفال يعانون سوء تغذية حاد، مقابل 8.3% في يوليو، وهو ارتفاع مقلق يعكس تفاقم الأزمة. وأوضحت المديرة التنفيذية كاثرين راسل أن واحدًا من بين كل خمسة أطفال بحاجة ماسة لدعم غذائي منقذ للحياة. ورغم جهود إدخال إمدادات غذائية، فإن استمرار القصف أدى إلى إغلاق عشرة مراكز تغذية، تاركًا آلاف الأطفال بلا دعم صحي وغذائي في بيئة لا ترحم.

المجاعة في غزة

عائلات بلا مأوى وأمن غذائي مفقود

 

وفي سياق متصل، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا إن العائلات في غزة تعيش ظروفًا إنسانية قاسية وسط انعدام شبه كامل للأمن الغذائي. وأوضحت الوكالة أن المدنيين عالقون بلا مأوى آمن يحميهم من نيران العدوان، مؤكدة أن استمرار الحرب يجعل من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ضرورة عاجلة لا تحتمل التأجيل. ومع قصف متواصل يطاول كل مناطق القطاع، يجد السكان أنفسهم أمام تحديات مروعة للبقاء، حيث لا طعام ولا مأوى ولا دواء، في مشهد يلخص انهيار كل مقومات الحياة اليومية.

أحد أطفال غزة يتفقد ما خلفته الغارة الجوية الإسرائيلية في المنطقة الغربية للمدينة

اقرأ أيضاً

فرنسا تنشر مقاتلات “رافال” لدعم بولندا في مواجهة التهديدات الروسية

نداء عاجل لإنقاذ ما تبقى من غزة

 

وسط هذا الواقع المأساوي، تتعالى أصوات المنظمات الطبية والإنسانية للمطالبة بتدخل دولي عاجل يضع حدًا لما وصفته بـ”الإبادة الجماعية” ضد سكان غزة. فالمستشفيات تنهار، الأطفال يواجهون الجوع، والعائلات تبحث بلا جدوى عن ملاذ آمن. إن استمرار الصمت الدولي يكرّس مأساة إنسانية تهدد حاضر ومستقبل أكثر من مليوني إنسان، ويجعل من حماية المدنيين أولوية قصوى يجب أن يتحرك من أجلها مجلس الأمن والمجتمع الدولي فورًا قبل أن يفقد القطاع آخر مقومات الحياة.

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى