عرب وعالم

موقف موحد.. “قمة الدوحة” تبحث الرد على الهجوم الإسرائيلي

تستضيف العاصمة القطرية الدوحة، اليوم الاثنين، القمة العربية الإسلامية الطارئة بمشاركة ممثلين من 57 دولة عربية وإسلامية. تأتي القمة في لحظة فارقة تشهد فيها المنطقة تصعيدًا خطيرًا عقب الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف العاصمة القطرية الأسبوع الماضي، وأسفر عن سقوط قتلى من حركة حماس وأحد عناصر الأمن القطري. وترى الدوحة أن ما حدث يمثل تجاوزًا غير مسبوق يتطلب الانتقال من بيانات الإدانة التقليدية إلى اتخاذ خطوات عملية وملموسة. ويأمل قادة وزعماء الدول المشاركة في صياغة موقف موحد يوجه رسالة واضحة لإسرائيل والمجتمع الدولي، بأن الاعتداءات على السيادة الوطنية للدول لن تمر من دون رد، وأن العالم العربي والإسلامي قادر على التحرك بشكل جماعي.

 

سابقة خطيرة تفرض التحرك

 

خلال الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية، وضع الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، إطار التعامل مع الأزمة، مؤكدًا أن الاعتداء الإسرائيلي يشكل “سابقة خطيرة” تتطلب موقفًا حاسمًا. وأوضح أن قطر لن تتهاون مع أي اختراق لسيادتها أو تهديد لأمنها القومي، وأنها ستواجه أي تهديد بما يتوافق مع القانون الدولي. وأسفر الهجوم الذي استهدف مقرات سكنية لقادة حركة حماس عن اغتيال خمسة من عناصر الحركة وأحد أفراد قوات الأمن القطري. وأثار التوقيت جدلًا واسعًا، إذ جاء في أثناء اجتماع لقادة الحركة لمناقشة مقترح أمريكي يتعلق بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة.

 

دعوات لإجراءات ملموسة

 

رفض الشيخ محمد بن عبد الرحمن الاكتفاء بردود الأفعال التقليدية، مطالبًا باتخاذ إجراءات عملية لمنع إسرائيل من التمادي في انتهاكاتها. وحذّر من أن تصرفات الحكومة الإسرائيلية تحمل رسالة مفادها أنها لا تعترف بخطوط حمراء تضبط سلوكها، وأنها مستعدة لزعزعة استقرار أي دولة في العالم. وأكد ماجد الأنصاري، المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، أن القمة ستناقش مشروع بيان يعكس رفضًا جماعيًا “لإرهاب الدولة” الذي تمارسه إسرائيل. كما تسعى الدوحة لبلورة موقف يضغط على المجتمع الدولي لوقف الحرب في غزة ودعم مسار إقامة الدولة الفلسطينية، معتبرة أن السكوت لم يعد خيارًا أمام الشعوب والدول.

 

حضور إقليمي ودولي واسع

 

القمة تشهد مشاركة بارزة من قادة عرب ومسلمين، حيث توجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى قطر للمشاركة في القمة، وأكدت إيران حضور رئيسها مسعود بزشكيان، كما وصل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، وأعلنت تركيا مشاركة رئيسها رجب طيب أردوغان. وحضر الاجتماع التحضيري وزراء خارجية من مصر والسعودية ودول خليجية أخرى، إضافة إلى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي. وتأتي هذه المشاركة الواسعة لتعكس جدية التحرك الإقليمي لمواجهة تداعيات الهجوم الإسرائيلي، في خطوة تؤكد أن الدول العربية والإسلامية لن تكتفي هذه المرة بالمواقف الرمزية أو البيانات الإنشائية.

 

تضامن عربي ودولي مع قطر

 

الهجوم الإسرائيلي على الدوحة أثار تضامنًا دوليًا واسعًا. فقد أكدت القاهرة أن مشاركة الرئيس السيسي تعبر عن تضامن مصر الكامل مع قطر حكومة وشعبًا. كما شدد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، خلال اتصال هاتفي مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على دعم بلاده الكامل للإجراءات القطرية لحماية سيادتها. وعلى الصعيد الدولي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تضامنه مع قطر، معبرًا عن استيائه من الاعتداء، فيما أكدت واشنطن أن الدوحة تبقى “حليفًا إستراتيجيًا موثوقًا به”. كما نفت قطر تقارير حول مراجعة شراكتها الأمنية مع الولايات المتحدة، مؤكدة أن العلاقات الدفاعية بين البلدين في أقوى حالاتها.

 

إدانة أممية وتحرك دبلوماسي

 

نجحت قطر في حشد موقف أممي داعم، إذ صوّت أعضاء مجلس الأمن بالإجماع على بيان أكد تضامنهم مع قطر ودعمهم لسيادتها وسلامة أراضيها، رغم عدم الإشارة إلى إسرائيل بالاسم. وأعرب المجلس عن أسفه لسقوط مدنيين في الهجوم، مشددًا على أن إطلاق سراح الرهائن وإنهاء المعاناة في غزة يبقى أولوية قصوى. ويعد هذا الموقف الأممي تتويجًا للتحرك الدبلوماسي القطري الذي قاده رئيس الوزراء خلال مشاركته في جلسة المجلس. وتأتي هذه القمة كخطوة ثانية من نوعها بعد قمة الرياض عام 2023، وسط توقعات بأن تتجاوز مخرجاتها الإدانة لتصل إلى إجراءات عملية توقف التمدد الإسرائيلي في المنطقة.

 

مسؤولية تاريخية أمام القادة

 

تحولت “قمة الدوحة” إلى اختبار حقيقي لقدرة العالمين العربي والإسلامي على مواجهة تحديات غير مسبوقة. فبينما تسعى قطر إلى حماية سيادتها والرد على الاعتداء الإسرائيلي، تضع القمة الدول المشاركة أمام مسؤولية تاريخية لصياغة رؤية مشتركة لا تقتصر على الشجب، بل تمهد لتحرك فعلي يفرض على المجتمع الدولي احترام استقرار المنطقة وحقوق شعوبها.

اقرأ أيضاً

صفارات الإنذار تدوي في إيلات مع تصاعد التوتر الأمني

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى