بدء عملية معقدة لانتشال يخت "بايزيان" الغارق قبالة سواحل صقلية
تحقيقات جنائية وتحديات بيئية ترافق انتشال يخت فاخر غرق بعاصفة مفاجئة

أُطلقت قبالة سواحل صقلية عملية بحرية معقدة تهدف إلى انتشال اليخت الفاخر “بايزيان”، الذي غرق خلال صيف عام 2024 إثر عاصفة شديدة أودت بحياة سبعة أشخاص، من بينهم رجل الأعمال البريطاني المعروف في قطاع التكنولوجيا مايك لينش وابنته هانا. ووفقًا للسلطات الإيطالية، يُتوقَّع أن تستمر عملية الانتشال ما بين 20 إلى 25 يومًا.
تجهيزات متطورة لتنفيذ مهمة بحرية دقيقة
وصلت البارجة “Hebo Lift 2” الأسبوع الماضي إلى ميناء بورتيتشيلو قرب باليرمو، مجهزة بروافع ثقيلة، ومعدات غوص متقدمة، ومركبة روبوتية تعمل عن بُعد تحت الماء. ويقود العملية فريق من الخبراء تحت إشراف شركة TMC Marine البريطانية، التي أكدت أن العملية تتطلب تخطيطًا خاصًا نظرًا لصعوبة الموقع والظروف البحرية المحيطة.
يقع الحطام على عمق 50 مترًا في خليج بورتيتشيلو، وتحت إشراف مباشر من السلطات الإيطالية، حيث ستُستخدم الرافعة “Hebo Lift 10” بعد إزالة الصاري الرئيسي الذي يبلغ طوله 72 مترًا ويزن 24 طنًا لتسهيل رفع اليخت.
مأساة بحرية تطال شخصيات بارزة
في فجر يوم 19 أغسطس 2024، ضربت عاصفة عنيفة يخت “بايزيان” بينما كان راسيًا قبالة صقلية، ما تسبب في غرقه. أسفر الحادث عن وفاة سبعة أشخاص، من بينهم مايك لينش، المُلقب بـ”بيل غيتس البريطاني”، وابنته هانا (18 عامًا)، إلى جانب رئيس مجلس إدارة مورغان ستانلي الدولي جوناثان بلومر وزوجته جودي، والمحامي الأميركي كريس مورفيلو وزوجته نيدا، إضافة إلى الطاهي ريكلدو توماس.
في المقابل، نجا 15 شخصًا، من بينهم أنجيلا باكاريس، زوجة لينش ومالكة اليخت. ويأمل المحققون أن تسهم عملية الانتشال في كشف المزيد من التفاصيل حول الأسباب الحقيقية للحادث، وسط ترجيحات بوجود أخطاء بشرية مثل ترك فتحات مفتوحة أو تشغيل خاطئ للعارضة.
التحقيقات الجنائية تتخذ مسارًا جديًا
فتح الادعاء العام الإيطالي تحقيقًا جنائيًا في الحادث بتهم محتملة تتعلق بالقتل غير العمد. وقد تم وضع قبطان اليخت، النيوزيلندي جيمس كوتفيلد، واثنين من أفراد الطاقم البريطانيين، تيم باركر إيتون وماثيو غريفيثس، تحت التحقيق.
ورغم أن هذا الإجراء لا يُعدّ إدانة قانونية وفق القانون الإيطالي، إلا أنه يدل على الجدية التي تتعامل بها السلطات مع ملابسات الحادث. ومن المقرر أن يُنقل اليخت بعد انتشاله إلى مرفأ “ترميني إيميريزه”، حيث سيخضع لفحوصات جنائية دقيقة لتحليل تسلسل الأحداث المؤدية للغرق.
اعتبارات بيئية وأمنية في صلب العملية
حرصت الفرق المشاركة في العملية على اتخاذ تدابير صارمة لحماية البيئة البحرية، بالتعاون مع فرق متخصصة في مكافحة التلوث. وقد أعلنت السلطات البحرية عن منطقة حظر ملاحي نصف قطرها 650 مترًا حول موقع الحطام، يُمنع ضمنها السباحة والغوص والصيد والملاحة بجميع أشكالها إلى حين انتهاء المهمة.
وأكدت شركة TMC Marine أن سلامة الطاقم والحفاظ على البيئة شكّلت أولوية قصوى منذ اللحظات الأولى لتخطيط العملية، مشيرة إلى أن المراقبة البيئية للحطام بدأت منذ وقوع الحادث.
تكلفة مالية باهظة تتحملها شركات التأمين
قدّرت شركات التأمين تكلفة عملية الانتشال بحوالي 30 مليون دولار أميركي (22.4 مليون جنيه إسترليني)، وهي تكلفة ستتحملها شركات التأمين التي كانت تغطي اليخت “بايزيان”.
ولا تقتصر أهمية العملية على استعادة يخت فاخر فحسب، بل تمثل أيضًا محاولة جادة لفهم أسباب المأساة التي طالت شخصيات بارزة من عالم المال والقانون، وأثارت تساؤلات حول معايير الأمان والسلامة في اليخوت الفاخرة، خاصة في ظل التغيرات المناخية المتسارعة التي تؤدي إلى عواصف بحرية أشد خطورة.