أخبار مصر

إعلان دار الإفتاء المصرية عن استطلاع هلال ذي القعدة 1446 هـ

تعيش الأمة الإسلامية هذه الأيام حالة من الترقب مع اقتراب موعد استطلاع هلال شهر ذي القعدة لعام 1446 هجريًا.

وكعادتها، أعلنت دار الإفتاء المصرية أنها ستجري الاستطلاع الرسمي مساء يوم الخميس 8 مايو 2025م، الموافق 29 شوال 1446هـ، عبر لجانها الشرعية والعلمية المنتشرة في مختلف ربوع البلاد.

هذا الإعلان، الذي قد يبدو للكثيرين جزءًا روتينيًا من الدورة السنوية، يحمل في طياته أبعادًا دينية وتاريخية واجتماعية عميقة تستحق التحليل والوقوف عندها.

الهُوية الإسلامية في مواجهة العصر الرقمي

رغم التقدم العلمي الهائل الذي أتاح القدرة على حساب مواعيد ولادة الأهلة بالدقة المتناهية عبر الأجهزة الفلكية، لا تزال دار الإفتاء تتمسك بأهمية الرؤية الشرعية المباشرة بالعين المجردة، مع الاستئناس بالحساب الفلكي.

هذا التمسك يعكس حرص المؤسسة الدينية على المحافظة على هوية الشعائر الإسلامية، ومنع تقويضها في ظل عالم بات يميل إلى إلغاء المظاهر الروحية لصالح الأرقام والمعادلات الباردة.

في هذا السياق، تحرص دار الإفتاء المصرية على التأكيد بأن الرؤية البصرية ليست مجرد تقليد، بل هي جزء من النص الشرعي الذي أوجب “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته”، مما يجعل الأمر دينيًا بالدرجة الأولى، قبل أن يكون علميًا أو تنظيمًا إداريًا.

استطلاع الأهلة.. تقليد أصيل عبر العصور

وسط هذا الجدل المعاصر بين الرؤية البصرية والحسابات الفلكية، لا بد أن نتوقف أمام لمحة تاريخية عن هذه الشعيرة الإسلامية:

منذ بزوغ فجر الإسلام، كانت رؤية الهلال الحدث الأبرز في حياة المسلمين، يحددون بها بدايات الشهور ونهاياتها، وعلى أساسها تُقام شعائر عظيمة كالصيام والحج.

وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يخرجون بأنفسهم لتحري الهلال، تنفيذًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته”.

وفي العصور الإسلامية المتلاحقة، تطورت أساليب الرؤية ولكن ظلت العين المجردة هي الأصل، مع الاعتراف بدور علم الفلك كوسيلة مساعدة وليس بديلًا عن الرؤية.

اليوم، تستمر المؤسسات الدينية كدار الإفتاء المصرية في هذا التقليد، محافظة على الامتداد الزمني بين الماضي والحاضر.

ذي القعدة.. بداية الأشهر الحرم وموسم الاستعدادات الكبرى

يمثل ذي القعدة بداية موسم الأشهر الحرم الثلاثة المتتابعة (ذي القعدة، ذي الحجة، محرم)، حيث يحرم القتال، وتتجه القلوب إلى السكينة والطاعات.
كما يشكل هذا الشهر نقطة الانطلاق لموسم الحج، حيث تبدأ استعدادات ملايين المسلمين للسفر إلى بيت الله الحرام.

لذلك، فإن إعلان رؤية هلال ذي القعدة بدقة يمثل أكثر من مجرد تغيير في التقويم؛ إنه إعلان عن بدء فترة مقدسة تستدعي الاستعداد الروحي والبدني لموسم الحج الأكبر.

التحديات والرهانات في إعلان رؤية الهلال

في العصر الرقمي، حيث تنتشر الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بسرعة البرق، تواجه دار الإفتاء تحديًا إضافيًا: ضرورة الحسم والوضوح في إعلان النتائج، مع استخدام قنوات إعلامية حديثة لإيصال المعلومة الرسمية للمواطنين.

وقد نجحت الدار، خلال السنوات الأخيرة، في التكيف مع هذا الواقع عبر مؤتمراتها الصحفية المتلفزة، وإعلاناتها الإلكترونية، مما عزز من مكانتها كمصدر موثوق ومرجعي للمعلومة الشرعية.

في إعلانها عن استطلاع هلال ذي القعدة 1446 هـ، لا تقوم دار الإفتاء المصرية بمهمة إجرائية بسيطة، بل تعيد تأكيد هوية إسلامية عريقة، تقوم على الجمع بين معايير الشرع الأصيل ومعطيات العلم الحديث.
وفي ذلك، تقدم نموذجًا ناجحًا لمؤسسة دينية قادرة على أن تكون جسرًا بين التراث والحداثة، محافظًة على قدسية الشعائر وسط عالم سريع التغير

نهي حمودة

نهى حمودة هي صحفية ومحررة أولى بقطاع الأخبار في الهيئة العربية للإعلام، تمتلك خبرة واسعة في العمل الصحفي والإعلامي. عملت في العديد من المواقع الإلكترونية، حيث قدمت تغطيات إخبارية وتحليلات متميزة، مما عزز مكانتها في المجال الإعلامي. تتميز بمهاراتها التحريرية وقدرتها على تقديم محتوى دقيق ومهني يعكس التطورات المحلية والدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى