الصحة والتعليم

لماذا تتكرر مشاكل امتحانات الثانوية العامة كل عام؟ حوار مع رودي نبيل

تكرار الأخطاء في امتحانات الثانوية.. لماذا نفشل في كسر الحلقة؟

تعيش مصر مع كل موسم امتحانات ثانوية عامة نفس المشاهد المكررة، توتر وقلق يسيطر على الطلاب، ومحاولات غش متكررة تثير الإحباط، مع تصريحات رسمية تتوالى دون أن تتغير واقع المشكلة.

في حوار خاص مع رودي نبيل، مؤسس جروب “معًا لغدٍ مشرق للتعليم” وأدمن جروب “حوار مجتمعي تربوي”، نستعرض الأسباب الحقيقية وراء تكرار تلك المشاكل، وما هي العقبات التي تعيق تطوير منظومة الامتحانات، كما نناقش معه إمكانية تحقيق تغيير حقيقي ومستدام، والسبل التي يمكن أن تنهض بالتعليم المصري بعيدًا عن دائرة الاتهامات المتبادلة.

أستاذ رودي، نلاحظ كل عام تكرار نفس المشاكل في امتحانات الثانوية العامة، من توتر وقلق الطلاب لمحاولات الغش المتكررة، مع تصاعد تصريحات رسمية لا تتغير. لماذا تظل نفس الأزمة؟

رودي نبيل: الحقيقة أن المشهد نفسه يعيد نفسه كما لو كنا نشاهد فيلمًا قديمًا بدون نهاية جديدة. القلق، الغش، الإحباط، والتصريحات المتكررة مثل “سنتعامل بحزم”، “لن نسمح”، “تم رصد حالات” — وفي النهاية نعود لنفس السيناريو في كل عام.

المشكلة ليست فقط في الأخطاء التي تحدث أحيانًا في لجان الامتحانات أو في النظام الإلكتروني، بل في طريقة تفكيرنا وإدارة الأزمة، ما زلنا نستخدم نفس الأدوات القديمة دون مراجعة أصل الخلل.

هل تعتقد أن هناك فرصة حقيقية للتغيير؟

رودي نبيل: نعم، هناك أمل، لكن بشرط أن يكون القرار قرار دولة وشعب معًا، وليس قرار وزير أو مدير فقط، أو حملة على السوشيال ميديا.

التغيير يجب أن ينبع من اقتناع جماعي بضرورة بناء منظومة تعليمية عادلة ومنضبطة، تحترم عقول الطلاب وجهودهم، وتقوم على الوعي الجمعي والتعاون بين مؤسسات الدولة.

طالما كل طرف يلوم الآخر، فالواقع سيبقى كما هو. ولي الأمر يلوم المعلم، والمعلم يلوم ولي الأمر، والوزارة تلوم الطالب، والطالب يبرر الغش بأنه منتشر. هكذا ندور في حلقة مفرغة.

كثيرون يقولون إن الغش حالات فردية فقط، ما تعليقك؟

رودي نبيل: حتى لو كانت فردية، تأثيرها كبير جدًا، حالة غش واحدة قد تُفقد طالبًا مجتهدًا ثقته، وتزرع في أطفالنا فكرة أن النجاح ليس بالتعب، بل بالفهمولة، وهذا ضرر اجتماعي كبير.

كيف تقارن بين الامتحانات الوطنية وامتحانات الشهادات الدولية التي تُجرى في مصر؟

رودي نبيل: الشهادات الدولية تُجرى في مصر ولكنها تُطبق على مستوى دولي دقيق، ولا نسمع عن مشاكل مماثلة. كل طالب يحصل على فرصته، وكل درجة تُحسب بدقة، السبب أننا لم نُجرِ وقفة حقيقية مع أنفسنا بعد لتطوير منظومتنا التعليمية.

هل هناك مؤشرات إيجابية هذا العام؟

رودي نبيل: نعم، قرارات واضحة من الوزير قبل بدء الامتحانات، مع إجراءات مشددة، تحذيرات صارمة، منع دخول أي أجهزة إلكترونية، تعزيز الأمن، والاستعانة بالخريجين كمراقبين، خطوة مهمة وأتوقع فرق كبير.

لكن الطريق طويل ويحتاج استمرارية، متابعة، محاسبة عادلة، وثقة المجتمع في جدية الدولة.

ماذا تنصح الطلاب داخل اللجان؟

رودي نبيل: لا تقلق؛ القلق يهدر تركيزك، وأنت تعبت طول السنة.

  • اقرأ الورقة كاملة قبل البدء، نظم وقتك، وابدأ بالسهل.
  • لا تنظر حولك، الغش لا يفيدك، لكن ضميرك سيكملك بكرامة.
  • اشرب قليلاً من الماء وخذ معك مسكنًا احتياطيًا.

 

ما المطالب التي توجهها للقائمين على الامتحانات؟

رودي نبيل: عدالة كاملة في تطبيق القوانين، مع تعويض الطلاب عن الوقت الضائع.

تدريب مستمر للمراقبين على القوانين، وكذلك على التعامل النفسي والإنساني مع الطلاب للحفاظ على جو هادئ.

الشفافية الكاملة في التصحيح والتظلمات وإعلان الدرجات بوضوح لتعزيز الثقة.

رودي نبيل: نحن لا نحلم بالمستحيل، نريد فقط أن نعيش في بلد يكافئ الجد ويحاسب التهاون، ويحمي الطالب المجتهد صاحب الحلم الكبير. لن نصل لهذا إلا عندما نؤمن أن لكل منا دورًا ومسؤولية، وليس مجرد ضحية.

 

خلود عاشور

خلود عاشور صحفية متخصصة تحمل شهادة في اللغة العربية من كلية دار العلوم، وتتمتع بخبرة راسخة في الصحافة الإلكترونية. على مدار مسيرتها المهنية، تعاونت مع عدد من أبرز المنصات الإخبارية المتخصصة، وكرّست جهدها لتغطية ملفات التعليم بكل أبعادها. تُعرف بأسلوبها التحليلي الدقيق وقدرتها الاستثنائية على تبسيط القضايا التعليمية المعقدة، ما رسّخ مكانتها كمصدر موثوق ومؤثر لدى جمهور واسع من القراء والمهتمين بالشأن التعليمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى