المدونةالوكالات

فشل أسترالي جديد.. ألبانيزي يغادر بابوا غينيا الجديدة بلا معاهدة دفاعية

واجه رئيس الوزراء الأسترالي أنطوني ألبانيزي انتكاسة لافتة في مساعيه الرامية إلى كبح النفوذ الصيني في المحيط الهادئ، بعدما غادر العاصمة بورت مورسبي دون توقيع معاهدة الدفاع المشترك مع بابوا غينيا الجديدة. الاتفاق، المعروف باسم “بكبوك”، كان مقرراً أن يُبرم هذا الأسبوع، إلا أن الانقسامات داخل الحكومة البابية حول مسائل السيادة عطّلت التوقيع. واكتفى الجانبان ببيان مشترك أعلنا فيه التوصل إلى اتفاق مبدئي على النص الأساسي، مع استمرار المشاورات حتى استكمال الإجراءات الداخلية اللازمة. هذا التعثر يأتي في وقت حساس يتزايد فيه الحضور الصيني بالمنطقة عبر مشاريع البنية التحتية والقروض التنموية.

 

تعثر متكرر يضعف موقف كانبيرا

 

تأجيل الاتفاق الأسترالي-البابي ليس الأول من نوعه، إذ شهدت الأسابيع الماضية تجميد فانواتو لاتفاق مشابه بسبب خلافات تتعلق بتمويل المعادن الحرجة المرتبط بالصين. هذا التباطؤ المتكرر يضعف أوراق كانبيرا في مواجهة استراتيجية بكين، التي تعزز حضورها في جزر المحيط الهادئ عبر نفوذ اقتصادي واستثمارات ضخمة. ويُنظر إلى هذه التحركات باعتبارها جزءاً من منافسة جيوسياسية محتدمة بين الصين والغرب. بالنسبة لأستراليا، فإن أي تأخير إضافي قد يُضعف مصداقية وعودها الدفاعية، ويمنح الصين مساحة أكبر لتوطيد علاقاتها في المنطقة.

 

مضمون الاتفاق المرتقب بين الجانبين

 

المعاهدة الدفاعية التي تسعى أستراليا وبابوا غينيا الجديدة لتوقيعها تنص على ترتيبات عسكرية مشتركة في حال وقوع أي اعتداء خارجي. كما تتيح لمواطني البلدين الالتحاق بخدمة قوات كل طرف، إلى جانب تنظيم تدريبات مشتركة، وتحسين قابلية التشغيل البيني للقوات، وتعزيز التعاون في الأمن السيبراني. ورغم فشل التوقيع، شدد ألبانيزي على أن الأمر يمثل “تقدماً إيجابياً” وليس تراجعاً، مؤكداً أن التوقيع الرسمي سيأتي خلال أسابيع بعد استكمال الخطوات الداخلية المطلوبة في كلا البلدين.

 

هواجس السيادة والانتقادات الداخلية

 

في المقابل، عبّر رئيس وزراء بابوا غينيا الجديدة جيمس مارابي عن حاجة بلاده إلى شراكة دفاعية تعزز قدراتها المحدودة، مؤكداً أن المبادرة جاءت بطلب بابوي وأنها لن تمس السيادة الوطنية. لكن الانتقادات لم تغب، إذ هاجم القائد العسكري السابق جيري سينجيروك ألبانيزي، متهماً إياه بمحاولة “مباغتة” الحكومة لفرض الاتفاق. وحذر من أن التوقيع دون تعديلات دستورية مناسبة قد يشكل خرقاً للقانون، بل ذهب إلى حد القول إن من يرغب بالانضمام إلى الجيش الأسترالي عليه التخلي عن جنسيته البابية.

 

تباين في المواقف بين الحكومتين والمعارضة

 

وزير خارجية بابوا غينيا الجديدة جاستن تكاتشينكو أكد أن المعاهدة “لا تزال قيد العمل”، مشيراً إلى أن مجلس الوزراء سيناقشها مجدداً الأسبوع المقبل. أما المعارضة الأسترالية فاعتبرت أن ما جرى يمثل “إحراجاً دبلوماسياً خطيراً”، واتهمت ألبانيزي بالتركيز على الصور الرمزية بدلاً من بناء سياسة خارجية واقعية. هذا التباين يعكس مدى حساسية الاتفاق في الداخل والخارج، ويضع الحكومة الأسترالية تحت ضغط متزايد لإنجاح استراتيجيتها الدفاعية في المنطقة.

 

اختبار لمستقبل النفوذ الإقليمي

 

رغم العقبات، لا تزال حكومة حزب العمال الأسترالي تؤكد أن الاتفاق مع بابوا غينيا الجديدة، وكذلك التفاهم المؤجل مع فانواتو، قابلان للتوقيع خلال الأشهر المقبلة. ومع تصاعد التنافس الاستراتيجي مع الصين، تظل قدرة ألبانيزي على تحويل وعوده الدفاعية إلى معاهدات نافذة محل اختبار داخلي وخارجي. ويبقى السؤال المطروح: هل تكفي التصريحات والبيانات لطمأنة الحلفاء، أم أن اللحظة باتت تتطلب خطوات حاسمة تنهي التناقضات وتضع أستراليا في موقع أكثر قوة بالمحيط الهادئ؟

اقرأ أيضاً

«التجديد الوطني» في اختبار الفضيحة: ستارمر يواجه ظلال إبستين وارتباك داخلي

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى