مقالات وآراء

“الخط الأحمر” المصري: لماذا يهاجم بن غفير القاهرة الآن؟

بتصريحات وُصفت بأنها "الأكثر خطورة" ..

كتب: إسماعيل نبيل مذيع أخبار وتغطيات اخبارية متخصص في تقديم البرامج والتعليق الصوتي

في خضمّ الحرب المشتعلة في غزة، خرج إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي، بتصريحات وُصفت بأنها “الأكثر خطورة” من مسؤول إسرائيلي رفيع.

لم تكن تصريحاته مجرد زلة لسان، بل كانت بمثابة رسالة سياسية مركّبة، تستهدف مصر بشكل مباشر في توقيت حساس للغاية.

فماذا قال بن غفير بالضبط، ولماذا الآن؟ وما هي أبعاد هذا الهجوم على العلاقات المصرية-الإسرائيلية؟

1. تصريح بن غفير: قنبلة سياسية موقوتة

في تصريح أثار غضب القاهرة، شكّك بن غفير في الدور الأمني المصري على الحدود مع غزة، واتهم مصر بالتقاعس عن منع تهريب السلاح عبر “ممر فيلادلفي”. لم يكتفِ بذلك، بل ذهب أبعد من ذلك ليتبنى علناً رؤية متطرفة للغاية، قائلاً إنه لا يثق بالمصريين ويفضل تنفيذ “مقترح ترامب”: “فتح الجحيم على غزة، وتشجيع سكانها على الهجرة”. هذا التصريح ليس مجرد شك في قدرات مصر، بل هو تهديد صريح للمبدأ الأمني الذي يحكم المنطقة الحدودية منذ انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005.

2. لماذا هذا التوقيت تحديدًا؟

لم يكن تصريح بن غفير صدفة، بل جاء في لحظة حرجة تكشف عن أزمات داخلية وإقليمية:

* فشل نتنياهو في غزة: بعد شهور من القتال، لم تتمكن حكومة نتنياهو من تحقيق أهدافها المعلنة، مما يزيد الضغط الداخلي عليها.

* ضغوط أمريكية متزايدة: تواجه إسرائيل ضغوطًا أمريكية ودولية كبيرة لمنعها من تنفيذ خطط عسكرية قد تزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، خاصة فيما يتعلق بـ محور فيلادلفي.

* الخط الأحمر المصري: يأتي التصريح بعد تأكيد مصري قاطع، وعلى أعلى مستوى، على رفض تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وهو ما اعتبره الرئيس السيسي “خطًا أحمر” سيؤدي إلى تفجير المنطقة بأكملها.

بن غفير هنا لا يهاجم مصر فقط، بل يهاجم الموقف المصري الثابت، ويحاول إحراج القاهرة وإظهارها كعقبة أمام “تحقيق الأمن الإسرائيلي”.

3. رسالة سياسية مركبة وأهداف خفية

هذا التصريح يحمل في طياته رسائل متعددة:

* تشكيك في الدور المصري: يهدف إلى إضعاف دور مصر كوسيط وفاعل رئيسي في المنطقة، وتصويرها كطرف غير موثوق به.

* تهديد التنسيق الأمني: يعلن صراحةً رفضه للتنسيق الأمني مع القاهرة، وهو ما يهدد اتفاقيات حساسة تُعدّ حجر الزاوية في العلاقات الثنائية.

* تبني التطرف: يتبنى بشكل علني رؤية “التطهير العرقي” تحت غطاء أمني، داعياً إلى تهجير سكان غزة.

على الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية قد تنأى بنفسها عن هذه التصريحات علناً، إلا أن وجود بن غفير كوزير فاعل في الحكومة المصغرة يعني أن هذا الصوت المتطرف ليس هامشياً، بل هو جزء من عملية صنع القرار.

4. رد القاهرة: موقف حاسم وميداني

 

أعلن الرئيس السيسي رفض مصر القاطع لأي محاولة لتهجير سكان غزة إلى سيناء، مؤكداً أن ذلك سيؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية. ولم يقتصر الرد على التصريحات، بل تم تعزيز الوجود الأمني على الحدود، ورفض دخول أي مساعدات مشروطة سياسياً، مما يثبت أن “الخط الأحمر” المصري ليس مجرد شعار، بل هو قرار استراتيجي مدعوم بإجراءات ميدانية.

في النهاية، تصريح بن غفير ليس مجرد هجوم لفظي، بل هو انعكاس لصراع أمني وسياسي يدور في المنطقة، حيث ترى بعض الأصوات المتطرفة في إسرائيل أن مصر ليست شريكًا في الأمن، بل عقبة أمام مخططاتها التوسعية. وموقف القاهرة الواضح يؤكد أن أمنها القومي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالقضية الفلسطينية، وأنها لن تسمح بتهجير أي فلسطيني أو المساس بحدودها تحت أي ذريعة.

عمرو محمد

عمرو محمد صحفي مصري يعمل في مجال الصحافة التعليمية، وشارك في أقسام الديسك بعدة مواقع مصرية منها "السبورة" و"بلدنا اليوم". يتميز بخبرته في تغطية أخبار التعليم ومراجعة المحتوى التحريري بدقة ومهنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى