مؤتمر تجاري مصري-كونغولي يرسم ملامح التعاون الاقتصادي الأفريقي

شهدت القاهرة انطلاقة قوية لشراكة اقتصادية واعدة بين مصر وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وذلك من خلال مؤتمر موسّع نظمته شركة تراست للتوريدات العمومية والتصدير، تحت قيادة الأستاذ محمد الشربيني، الوكيل الرسمي لغرفة التجارة والصناعة الكونغولية في مصر. جسّد الحدث خطوة استراتيجية نحو دعم التكامل الاقتصادي، حيث سعت الشركة إلى خلق منصة تعاون فعّالة تُمكّن المستثمرين من استكشاف فرص جديدة في مجالات التوريد والتصدير. المؤتمر لم يكن مجرد لقاء رسمي، بل كان منصة عملية لتقريب وجهات النظر وتعزيز جسور الثقة بين رجال الأعمال في البلدين، بما يعزز التبادل التجاري ويضع تراست في موقع ريادي كمحرك رئيسي للتقارب الاقتصادي المصري–الأفريقي.

تميز الحدث بحضور نوعي من ممثلي مجتمع الأعمال المصري، على رأسهم الأستاذ عبد الحميد أحمد عطا الله، نائب رئيس الغرفة التجارية بمحافظة الشرقية، إلى جانب عدد من أعضاء مجلس الإدارة. وجاء هذا الحضور ليؤكد التزام القطاع الخاص المصري بلعب دور ريادي في دعم التوجه الرسمي للدولة نحو الانفتاح على الأسواق الأفريقية وتوسيع رقعة التصدير خارج النطاق التقليدي.

ما ميّز المؤتمر لم يكن فقط الحضور المكثف ولا النقاشات المتنوعة، بل الاتفاقات العملية التي خرج بها الحدث، والتي تمهد لانطلاق أولى خطوات الشراكة الاقتصادية الإلكترونية بين مصر وجمهورية الكونغو الديمقراطية. حيث تم الإعلان عن تدشين منصة رقمية مخصصة للتبادل التجاري، تنطلق أولى مراحلها خلال الفترة من 2 إلى 9 مايو في العاصمة الكونغولية، كمبادرة تهدف إلى تجاوز العوائق التقليدية وتوفير بيئة تجارية عصرية وآمنة.

“سودو”: منصة رقمية تعيد رسم خريطة التجارة بين مصر وأفريقيا

المنصة المنتظرة، التي تحمل اسم “Sodo”، هي مشروع مشترك يقوده رائدا الأعمال: الأستاذ بلال البورنو، والمهندس شيخ عيسى، السنغالي الأصل، البريطاني الجنسية، الذي انتقل إلى مصر منذ أكثر من 16 عامًا للعمل في المجال التجاري والاستثماري. وقد بدأت التجربة فعليًا منذ ستة أشهر في كوت ديفوار، وتُخطط للتوسع خلال الشهور القليلة القادمة إلى السنغال ومالي، وصولًا إلى الكونغو، ومنها إلى بقية دول القارة.

ما يميز “سودو” ليس فقط كونها منصة إلكترونية لتسهيل عمليات التصدير، بل كونها نموذجًا تكامليًا للتجارة الآمنة، يدمج بين الجودة، والقانون، والتسويق، واللوجستيات، ضمن منظومة رقمية موثوقة. وقد أوضح الأستاذ بلال البورنو أن الهدف الأساسي من هذه المنصة يتجاوز الربح، ليصل إلى إحداث تغيير نوعي في بنية التبادل التجاري بين مصر وأفريقيا.

أهم النقاط التي ترتكز عليها “سودو” تتضمن مراقبة دقيقة لجودة المنتجات المصرية، مراجعة قانونية شاملة للمصانع المعتمدة، التحقق من الشهادات الدولية كالأيزو، وضمان الحقوق القانونية والمالية لجميع الأطراف المتعاقدة. تسعى المنصة إلى إزالة كل العقبات التي قد تواجه المستثمرين، سواء من الجانب المصري أو من الدول الأفريقية الأخرى، عبر تبسيط الإجراءات، وتوفير ضمانات قانونية موحدة.

وإلى جانب الفوائد الاقتصادية المباشرة، فإن “سودو” تسعى أيضًا إلى دعم الاقتصاد المصري من خلال تقليل الاعتماد على العملات الأجنبية وزيادة معدلات التصدير، مع التركيز على توفير بدائل محلية عالية الجودة لمنتجات مستوردة من أوروبا، غالبًا ما تكون باهظة الثمن دون تفوق واضح في الجودة.

مزايا شاملة للمصانع والمستوردين الأفارقة

من خلال المنصة، يحصل أصحاب المصانع في مصر على:

• ضمان الدفعات المؤمنة من خلال نظام إلكتروني موثوق.

• ترويج العلامة التجارية عبر حملات تسويقية مخصصة ومندوبين محليين داخل الأسواق الأفريقية.

أما المستوردون الأفارقة، فيستفيدون من:

• فحص الجودة الشامل لكل الشحنات قبل خروجها من المصنع.

• أسعار تنافسية نتيجة التعامل المباشر دون وسطاء.

• خدمة متكاملة تشمل اختيار المنتج والتوصيل، في تجربة تجارية رقمية خالية من التعقيدات.

هذا المشروع لا يمثل فقط نقلة نوعية في آليات العمل التجاري بين مصر وأفريقيا، بل يؤسس لمرحلة من التعاون القاري القائم على التكنولوجيا، الشفافية، والاستدامة. إنه خطوة عملية على طريق بناء سوق أفريقية موحدة، تعكس روح التكامل والتعاون المشترك بعيدًا عن البيروقراطية والمعوقات التقليدية.

وفي ختام المؤتمر، وجّهت كلمات الشكر لجميع الجهات التي ساهمت في إنجاح هذه المبادرة، التي تعكس وعيًا متقدمًا بأهمية التحول الرقمي في التجارة الخارجية. ومع استمرار العمل على توسيع نطاق “سودو” لتشمل دولًا أفريقية أخرى في غضون عامين، تبقى الآمال معلقة على هذا المشروع ليكون نموذجًا يُحتذى في التكامل الاقتصادي الأفريقي.

للاطلاع على تفاصيل المنصة ومتابعة تطورات المشروع، يمكن زيارة الموقع الرسمي:
🔗 https://www.gosodu.com/