ستيفن ميلر: مهندس الهجرة الصارم لأجندة ترامب الراديكالية

في الوقت الذي أمر فيه دونالد ترامب بنشر الحرس الوطني لقمع التظاهرات المعارضة لـتشديد سياسات الهجرة في مدينة لوس أنجلوس، خرج مستشاره المقرّب ستيفن ميلر على منصّة “إكس” (تويتر سابقًا) ليؤكد أن “مدينة الأحلام” أصبحت “أرضًا محتلة”، معتبرًا ما يجري “معركة لإنقاذ الحضارة”.

كلمات ميلر ليست مجرد تصريحات نارية، بل تمثل فلسفة متكاملة لـإدارةالدولة بالقوة، ومصادرة المعارضة، وتنفيذ أجندة شاملة لطرد المهاجرين وفرض السيطرة الفيدرالية حتى على الولايات المعارضة

ستيفن ميلر: رجل ترامب القوي ومهندس سياسات الهجرة الأمريكية

ستيفن ميلر، نائب كبير موظفي البيت الأبيض، تحول خلال الولاية الثانية لـترامب إلى المهندس الأساسي لـسياسات الهجرة، والعرّاب التنفيذي لـاستخدام سلطات استثنائية وغير مسبوقة.

في عمر 39 عامًا فقط، أصبح ميلر أحد أبرز رموز توجهات ترامب الراديكالية، متسلحًا بـحجج قانونية نادرة لتبرير قرارات يرى كثيرون أنها تمثل تعديًا صريحًا على الدستور الأمريكي.

صدام دستوري وسياسي: كاليفورنيا في مواجهة إدارة ترامب

أمر ترامب باستخدام القوات المسلحة لقمع الاحتجاجات في لوس أنجلوس رغم معارضة حاكم كاليفورنيا، الديمقراطي غافين نيوسوم، الذي وصف القرار بأنه “لا أخلاقي” و”غير دستوري”.

هذه المواجهة فتحت جبهة صدام دستوري غير مسبوقة بين الحكومة الفيدرالية وأكبر ولاية أمريكية من حيث عدد السكان، وهي مرشحة للتصعيد خلال الفترة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بـملف الهجرة.

توسيع حظر السفر: استهداف المهاجرين من دول إسلامية وأمريكا اللاتينية

في الأسبوع الماضي، وقع ترامب مرسومًا يمنع دخول مواطني 12 دولة، من بينها أفغانستان وليبيا وإيران، مع فرض قيود جزئية على سبع دول أخرى، منها كوبا وفنزويلا.

هذه الخطوة تأتي استكمالًا لنهج بدأه ميلر منذ 2017، حين كان خلف سياسة “حظر المسلمين” وبناء الجدار الحدودي مع المكسيك، وهي مشاريع واجهت حينها مقاومة من القضاء والكونغرس والرأي العام.

ميلر في بؤرة السلطة: مهندس السياسات بلا منازع

في الولاية الأولى، كان صهر ترامب، جاريد كوشنر، يمثل عامل توازن أمام توجهات ميلر، لكن في غيابه الآن، أصبح الأخير يتمتع بـنفوذ أكبر بكثير. يصفه معهد سياسة الهجرة بأنه “رجل الشرطة السيئ” داخل البيت الأبيض، لكنه يلعب هذا الدور بحماسة ظاهرة، وكأنه مقتنع تمامًا بأفكاره التي ترى في المهاجرين تهديدًا صريحًا لـلهوية الأمريكية.

أجندة “أمريكا للأمريكيين فقط”: رؤية ميلر للهجرة

في أحد تجمعات الحملة الانتخابية في نيويورك أواخر عام 2024، أطلق ميلر شعارًا مثيرًا للجدل: “أمريكا للأمريكيين فقط”، مهاجمًا العصابات والكارتلات والمهاجرين غير النظاميين. هذا الشعار لا يعبّر فقط عن خطابه، بل عن رؤيته الكاملة التي ترفض فكرة أمريكا كأرض مفتوحة للمهاجرين، بل كـدولة محصنة ضد “الدخلاء”.

نحو تعليق الحقوق الدستورية: استهداف حق “المثول أمام القضاء”

في خطوة أثارت جدلًا قانونيًا واسعًا، لمح ميلر مؤخرًا إلى إمكانية تعليق حق “المثول أمام القضاء” (habeas corpus)، وهو أحد أقدم وأهم الحقوق الدستورية في النظام القانوني الأمريكي. جاء ذلك ردًا على أحكام قضائية تعيق ترحيل المهاجرين، في مؤشر على استعداده لاتخاذ إجراءات قصوى لـتسريع عمليات الترحيل.

تسارع حملات الاعتقال والترحيل في محاكم الهجرة

أكدت منظمات حقوقية من بينها Immigrant Arc أن هناك “انفجارًا في وتيرة تنفيذ أوامر الترحيل”، خاصة في محاكم الهجرة بمدينة نيويورك. كما رصدت تصاعدًا ملحوظًا في اعتقالات المهاجرين خلال جلسات المحكمة. هذه الحملات تقودها وكالة ICE التي زارها ميلر شخصيًا مؤخرًا مطالبًا بـتكثيف جهودها لتحقيق أهداف ترامب في ملف الهجرة.

تشريعات لزيادة القوة التنفيذية: ميزانية بمليارات الدولارات للهجرة

دافع ميلر عن مشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي أقره ترامب باعتباره أداة مزدوجة لتحقيق وعود الحملة: خفض الضرائب  وتشديد الهجرة. تضمن القانون زيادة ضخمة في مخصصات الهجرة: نحو 140 مليار دولار لتعزيز عدد الموظفين، وتوسيع مراكز

الاحتجاز، وتوفير طائرات الترحيل. يقول ميلر: “القيود الثلاثة الكبرى على الترحيل هي: الأفراد، السجون، والطائرات – ونحن بصدد حلها جميعًا”.

ستيفن ميلر… الرجل الذي لا يتراجع عن أجندة الهجرة الصارمة

في عالم ترامب، يمثّل ميلر القوة الدافعة وراء أكثر السياسات تطرفًا في ملف الهجرة. من تعليق الحقوق الدستورية، إلى توسيع حظر السفر، وتكثيف الترحيل، لا يبدو أن الرجل سيتراجع. تقول المحامية كميل ماكلر: “كنا نعلم ما هو قادم، ونعلم أنه المهندس، ونعلم أن لديه سلطة هائلة”. هذا يؤكد الدور المحوري لـستيفن ميلر في تشكيل مستقبل الهجرة الأمريكية.