عرب وعالم

برسائل مسجلة.. الاحتلال يطالب سكان غزة بالمغادرة فورًا

في خطوة تعكس تصعيدًا جديدًا في الحرب على غزة، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه وزّع آلاف المنشورات وأرسل رسائل نصية ومسجلة إلى سكان المدينة، مطالبًا إياهم بمغادرتها على وجه السرعة. يأتي ذلك مع تزايد التوقعات باقتراب اجتياح بري واسع النطاق، وسط تحذيرات دولية من كارثة إنسانية متفاقمة.

وتكشف هذه التحركات عن اعتماد الاحتلال أسلوب التحذيرات المباشرة بعد أن كانت أوامره السابقة عامة عبر وسائل الإعلام، مما يعكس نية مبيتة لتوسيع العمليات العسكرية داخل المدينة. وبينما يصرّ معظم الفلسطينيين على البقاء، يرى مراقبون أن هذه الإجراءات تمهّد لمعركة قد تكون الأشد قسوة منذ اندلاع الحرب.

منشورات الاحتلال التي يدعو فيها إلى إخلاء مدينة غزة

تحذيرات شخصية غير مسبوقة

 

أكدت صحيفة جيروزاليم بوست أن وحدة الاحتلال الخاصة 504، والمعروفة بلقب “موساد الجيش”، تولت مسؤولية كبيرة في تنفيذ هذه العملية نظرًا لخبرتها في الثقافة الفلسطينية. وأشارت الصحيفة إلى أن أوامر الإخلاء السابقة كانت عامة، إلا أن التحذيرات الأخيرة حملت طابعًا شخصيًا ومباشرًا من خلال اتصالات ورسائل فردية. واعتبر التقرير أن نطاق العملية وسرعة تنفيذها يشيران إلى أن الغزو البري الكامل قد أصبح وشيكًا، لكنه لا يزال مرهونًا بتوسيع الجهود الميدانية واستكمال الاستعدادات العسكرية.

 

معارضة فلسطينية وصمود واسع

 

رغم تكثيف التحذيرات ومحاولات الاحتلال دفع المدنيين إلى النزوح، رفض معظم سكان غزة الامتثال للأوامر. فبالنسبة للغالبية، البقاء في المدينة يمثل خيارًا قسريًا في ظل غياب مناطق آمنة ولجوء مكتظ لا يستوعب الأعداد المتزايدة من النازحين. ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تعكس فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه عبر الضغط النفسي والدعائي، ما دفعه إلى انتهاج أسلوب الترهيب المباشر. ويشير ذلك إلى إدراك القيادة الإسرائيلية أن اجتياح غزة لن يكون سهلًا، وأن الصمود الشعبي يشكّل عقبة أمام تنفيذ خططها العسكرية.

 

جدل داخل المؤسسة العسكرية

 

تكشف التقارير أن هناك انقسامًا في أوساط قادة الجيش الإسرائيلي بشأن نتائج السيطرة على مدينة غزة. ففي حين يؤكد نتنياهو أن احتلال المدينة سيُضعف حماس ويدفعها إلى التخلي عن الأسرى، يرى قادة عسكريون أن الحركة قادرة على مواصلة أسلوب حرب العصابات حتى بعد خسارة مناطق واسعة. وتُحذّر جهات داخلية من أن عملية الاجتياح قد تؤدي إلى مقتل بعض المحتجزين الإسرائيليين، فضلًا عن الخسائر البشرية في صفوف الجنود، ما قد يضع الحكومة أمام مأزق سياسي وعسكري معًا.

 

كارثة إنسانية تلوح في الأفق

 

أعرب “منتدى غزة الإنساني“، وهو شبكة تضم منظمات وخبراء إسرائيليين، عن قلقه من التداعيات الإنسانية الكارثية للنزوح القسري الجماعي. وأشار المنتدى إلى أن تهجير الأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة نحو مناطق مكتظة تعاني أصلًا من سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي، سيؤدي إلى تفاقم المخاطر الصحية. كما أن الضغط على البنية التحتية الضعيفة يهدد بانتشار الأمراض ويزيد من حجم الأزمة الإنسانية. هذه التحذيرات تكشف أن المكاسب العسكرية المرجوة لا تقارن بحجم الخسائر الإنسانية التي قد تتسع بصورة غير مسبوقة.

 

اقرأ أيضاً

رئيس وزراء بولندا: الأوضاع تقترب من صراع مسلح

معركة مكلفة بلا ضمانات

 

تظهر التطورات الأخيرة أن الاحتلال مقبل على معركة باهظة الثمن قد تتجاوز قدرته على التحكم في نتائجها. فالتكلفة البشرية المتوقعة، سواء في صفوف المدنيين الفلسطينيين أو الجنود الإسرائيليين، تُنذر بعواقب وخيمة على المستويين الداخلي والخارجي. كما أن تفاقم الكارثة الإنسانية سيعزز الانتقادات الدولية ويُضعف موقف الحكومة الإسرائيلية. وبينما يسعى الاحتلال لتحقيق نصر حاسم عبر اجتياح غزة، تبدو المؤشرات واضحة أن هذه الحرب ستفتح أبوابًا لأزمات جديدة، قد تعيد صياغة المشهد السياسي والأمني في المنطقة.

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى