تقارير التسلح

على الجبهة البلغارية.. دبابات أبرامز الأميركية تواصل رسائل الردع بالنيران الحقيقية

على مدار أسبوع من 29 سبتمبر إلى 5 أكتوبر 2025، نفّذ جنود من اللواء المدرع الأول، الفرقة الأولى مشاة، تدريبات نيران حية مكثفة في بلغاريا، ضمن برنامج أميركي لتطوير أداء أطقم دبابات «أبرامز». يهدف التدريب إلى رفع مستوى الدقة والمناورة والتنسيق الميداني في ظروف قتال تحاكي الواقع، سواء في وضح النهار أو أثناء الليل. وتأتي هذه المناورات في وقت يعزز فيه الجيش الأميركي وجوده في الجناح الشرقي لحلف الناتو، وسط تصاعد التوترات الإقليمية واستمرار الحاجة إلى قوات مدرعة قادرة على الردع السريع. ووفقًا للقيادة الأميركية في أوروبا، تمثل هذه الأنشطة جزءًا من نهج شامل للحفاظ على الجاهزية العملياتية وتوحيد المعايير بين القوات الحليفة.

 

 تدريبات ميدانية تحاكي القتال الواقعي

 

شملت المناورات تنفيذ ست مراحل من تدريبات الرماية المعروفة بـGunnery Tables باستخدام المدفع الرئيسي عيار 120 ملم M256، لاستهداف أهداف تكتيكية متحركة وثابتة. جرى التدريب في بيئات متنوعة لاختبار أداء الأطقم تحت الضغط، مع التركيز على تقليل زمن اتخاذ القرار وزيادة دقة النيران. وذكرت القيادة الأميركية أن هذه التدريبات تُمكّن الطواقم من التعامل مع أعطال مفاجئة وتحسين التنسيق بين القائد والمدفعي والسائق والمحمل، ما يعزز قدرة الدبابات على المناورة والاشتباك الفعّال. وتُعد هذه التجارب الميدانية، بحسب تقارير الجيش الأميركي، حجر الأساس في بناء ثقة الأطقم بأنظمتهم وأدائهم في ظروف قتال تحاكي الميدان الحقيقي.

تدريبات أميركية مكثفة في بلغاريا تختبر جاهزية أطقم «أبرامز» وتؤكد التزام واشنطن بردع التهديدات شرق أوروبا

 إعداد قيادات ميدانية جديدة داخل التشكيلات

 

ركز البرنامج التدريبي على تطوير القيادات الصغيرة داخل الوحدات وتبادل الخبرات بين أفراد الطاقم. وأوضحت مصادر عسكرية أن التدريب لا يقتصر على الرماية، بل يشمل توجيه الأفراد الجدد لتولي مهام قيادية مستقبلًا. فكل مرحلة من التدريب تُصمم لبناء «الذاكرة العضلية» للجنود، بحيث يتصرف كل فرد بسرعة ودقة دون تردد عند المواقف الطارئة. ويهدف ذلك إلى ترسيخ روح الفريق وتعزيز سلسلة القيادة داخل التشكيلات، ما يضمن جاهزية مستمرة واستقلالية تكتيكية عند خوض عمليات واسعة.

 

 الاتصال… العمود الفقري للأداء القتالي

 

أكدت تقارير الجيش الأميركي أن نجاح المناورات يعتمد بشكل رئيسي على فعالية الاتصال بين أفراد الطاقم. فالتنسيق بين القائد والمدفعي والسائق والمحمل يحدد سرعة ودقة الاستجابة في الميدان. ويُدرَّب الأفراد على استخدام قنوات الاتصال الميدانية الحديثة، وإصدار الأوامر وتنفيذها في توقيت متزامن ودقيق. كما تُراجع إجراءات التواصل بين الدبابات ضمن الفصيلة الواحدة لتقليل الأخطاء وتحقيق أداء جماعي متماسك. هذه المنهجية، وفق مسؤولين عسكريين، تهدف إلى ضمان أن يصبح الاتصال «غريزة ميدانية» لا تحتاج إلى تفكير لحظة القتال.

 

 من المحاكاة إلى الميدان

 

يبدأ برنامج إعداد أطقم «أبرامز» من التدريب على أجهزة المحاكاة المتطورة، ثم ينتقل إلى الرماية الفردية فالميدانية، وصولًا إلى النيران الحية. هذا التدرج يسمح بتقييم مستوى الجندي في كل مرحلة وتصحيح الأخطاء قبل الانتقال للمستوى الأعلى. وأوضح مدربون أميركيون أن متابعة تطور الأداء تمثل الجانب الأكثر إرضاءً في هذه البرامج، إذ تتحول الفرق من مبتدئين يتعلمون عبر الشاشات إلى أطقم قادرة على تنفيذ مهمات معقدة ميدانيًا. ويرى قادة التدريب أن الروح المعنوية المتصاعدة والتعاون داخل الطواقم ينعكسان مباشرة على جودة الأداء القتالي.

 

التحضير لمهام تكتيكية أوسع

 

بعد الانتهاء من تدريبات الرماية، تستعد الأطقم للانتقال إلى تدريبات ميدانية على مستوى الفصيلة STX ، يعقبها تدريب سرية كامل، ثم مناورة مشتركة بالنيران الحية CALFX . هذه المراحل التصاعدية تُعد اختبارًا حقيقيًا لتكامل القوات المدرعة في بيئات عملياتية معقدة. وتهدف هذه الخطوات، وفق بيان القيادة الأميركية في أوروبا، إلى بناء تفاعل ميداني فعّال بين مختلف عناصر القوة، بما في ذلك الدعم الجوي والاستطلاع والاتصال، وصولًا إلى جاهزية شاملة لأي مهمة مستقبلية ضمن إطار عمليات الناتو.

 

 أبرامز… درع الردع الأميركي

 

تُعد دبابة «M1 أبرامز» من أقوى الدبابات القتالية في العالم، إذ تتميز بمحرك توربيني قوي، ودروع مركبة متقدمة، وأنظمة استهداف رقمية عالية الدقة. صُممت لتمنح طاقمها حماية قصوى وسرعة حركة عالية في مختلف التضاريس. ويُعتمد عليها كعنصر رئيسي في العقيدة المدرعة الأميركية، خاصة في مهام الردع السريع والاشتباك المباشر. ويؤكد الخبراء أن استمرار تحديثها بالتقنيات الحديثة، مثل الأنظمة الحرارية وأجهزة الاستشعار المتقدمة، يجعلها ركيزة أساسية في تشكيلات الناتو الدفاعية.

 

 رسالة مزدوجة: تدريب ميداني وردع استراتيجي

 

تؤكد هذه التدريبات أن واشنطن لا تكتفي ببناء كفاءة ميدانية فحسب، بل تسعى أيضًا لإرسال رسالة واضحة مفادها أن قواتها المدرعة قادرة على التحرك والاشتباك بسرعة ضمن نطاق الحلف. وفي ظل استمرار التوترات مع روسيا، تمثل بلغاريا موقعًا حيويًا لعرض الجاهزية الأميركية على حدود أوروبا الشرقية. ويشير محللون إلى أن الجمع بين التدريب الميداني المتطور والوجود العسكري الدائم يعزز قدرة الناتو على الردع والدفاع، ويضمن بقاء دبابات «أبرامز» في طليعة القوات الجاهزة لأي مواجهة محتملة.

اقرأ أيضاً

القوة الفضائية الأمريكية تطلق منافسة لتطوير منظومة اعتراض صاروخي من الفضاء

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى