عرب وعالم

ترامب في مواجهة العزلة الدولية.. حرب غزة وقمة نيويورك تضع أمريكا في مأزق

بينما تتجه أنظار العالم إلى نيويورك لمتابعة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، يجد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه أمام اختبار صعب يكشف حدود نفوذه العالمي. فمع تصاعد الغضب الدولي من حرب غزة وتوسع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، باتت الإدارة الأمريكية محاصرة بانتقادات لاذعة حتى من أقرب الحلفاء الغربيين. ووفق تقارير إعلامية أمريكية، فإن موقف واشنطن المنحاز بشكل مطلق لإسرائيل يعمّق عزلة ترامب، ويدفع الدول الأوروبية والعربية إلى البحث عن بدائل دبلوماسية بعيدًا عن البيت الأبيض. وبينما يسعى الرئيس الأمريكي لاستعادة زمام المبادرة عبر لقاءات رفيعة المستوى، تبدو الهوة بين مواقفه والمجتمع الدولي آخذة في الاتساع، مما يضع الولايات المتحدة أمام مأزق سياسي غير مسبوق.

 

قمة عربية على وقع الحرب

 

يستعد ترامب لعقد اجتماع رفيع مع قادة عرب ومسلمين في نيويورك، بينهم رؤساء مصر والسعودية وقطر وتركيا، لمناقشة سبل إنهاء حرب غزة. ووفق موقع “أكسيوس”، فإن البيت الأبيض يسعى إلى إشراك دول عربية في خطة ما بعد الحرب، قد تشمل إرسال قوات عربية لتولي مهام الاستقرار داخل القطاع. في المقابل، يتوقع أن يضغط القادة العرب على واشنطن لوقف العدوان الإسرائيلي، مع التحذير من أي خطوات أحادية لضم الضفة الغربية. هذا اللقاء يمثل اختبارًا حقيقيًا للعلاقة بين الولايات المتحدة والعالم العربي، في ظل إدراك متزايد أن استمرار الدعم المطلق لإسرائيل يعقّد فرص الحل السياسي.

 

اعترافات أوروبية تعمّق الانقسام

 

تأتي تحركات ترامب الدبلوماسية بينما تتسارع خطوات أوروبية نحو الاعتراف بدولة فلسطين، إذ انضمت بريطانيا وكندا وأستراليا وبلجيكا والبرتغال إلى ركب الدول المؤيدة، مع توقع إعلان فرنسا قرارًا مماثلًا قريبًا. هذه الموجة شكلت نقطة تحول، بعدما شاركت 142 دولة في مؤتمر دولي مشترك دعت إليه باريس والرياض لدعم حل الدولتين. في المقابل، وقفت واشنطن ضمن أقلية لا تتجاوز عشر دول عارضت القرار، ما وضعها في موقع المواجهة مع شركائها الغربيين. توسع دائرة الاعترافات يعكس رغبة أوروبية في ممارسة ضغط دبلوماسي فعال على إسرائيل، مقابل تمسك الإدارة الأمريكية بخيار الدعم غير المشروط لتل أبيب.

 

دعم أمريكي بلا حدود لإسرائيل

 

رغم تصاعد الانتقادات الدولية، تواصل إدارة ترامب تقديم دعم سياسي وعسكري غير محدود لحكومة نتنياهو. فقد صرّح وزير الخارجية ماركو روبيو بأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية “يقوّض فرص التفاوض ويصب في مصلحة حماس”، معتبرًا المواقف الأوروبية “خطأ استراتيجيًا“. لكن الخطوات الأمريكية لم تتوقف عند التصريحات، إذ منعت واشنطن وفد السلطة الفلسطينية من الحصول على تأشيرات لحضور اجتماعات الأمم المتحدة، في خطوة وصفت بأنها إقصاء ممنهج للفلسطينيين من الساحة الدولية. هذه السياسة تكشف مدى التباين بين الرؤية الأمريكية وباقي المجتمع الدولي، وتؤكد أن واشنطن تفضّل حماية إسرائيل على حساب أي مسار دبلوماسي يحقق توازنًا في الصراع.

 

عزلة تزداد عمقًا

 

مع استمرار الحرب ودخولها عامها الثاني، يجد ترامب نفسه أمام مشهد دولي معقد، حيث تتزايد عزلة الولايات المتحدة وإسرائيل في مواجهة غالبية أعضاء الأمم المتحدة. فقد استخدمت واشنطن حق النقض “الفيتو” مؤخرًا لإجهاض مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، ما أثار استياءً عالميًا متصاعدًا. وفي ظل هذا الانقسام، يبدو أن خيارات الرئيس الأمريكي محدودة؛ فإما أن يواصل نهجه الداعم لإسرائيل ويتحمل كلفة العزلة، أو يغيّر مساره بما قد يُنظر إليه داخليًا كتنازل سياسي. هكذا، تظل واشنطن عالقة بين حسابات الداخل وضغوط الخارج، في معادلة شديدة التعقيد.

اقرأ أيضاً

غضب إسرائيلي عارم بعد توسع الاعتراف الدولي بفلسطين

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى