ترامب يشعل التكهنات بقمة محتملة مع شي جينبينغ.. وبكين تبحث عن أجوبة واضحة
ترامب وبكين على مفترق طرق.. كيف تؤثر الحرب التجارية على احتمال قمة مرتقبة؟

في مشهد دبلوماسي معقد ومشحون، عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليشعل التكهنات مجددًا حول احتمال عقد قمة مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، من دون تقديم تفاصيل واضحة أو جدول زمني محدد. تصريحات ترامب حول ضرورة “تنظيف البيت” الأمريكي استعدادًا للقمة، أثارت حيرة في بكين التي لا تعرف حتى الآن ما هي الأهداف الحقيقية لترامب، أو من هم المسؤولون في واشنطن الذين يمكن أن تتحدث إليهم فعليًا. في ظل تصاعد التوترات التجارية وحرب التعريفات الجمركية، يبدو أن العلاقات بين القوتين العظميين على شفا منعطف جديد محفوف بالمخاطر، حيث يسود الغموض والشك حول مسار الحوار ومستقبله. وفقًا لتقرير نيويورك تايمز
إشارات متضاربة من واشنطن تترك بكين في حالة ترقب
في ظل الحديث عن لقاء محتمل بين ترامب وشي جينبينغ، توضح المصادر الصينية أن بكين ترحب بالحوار لكنها تشعر بأنها تُجهض عبر القنوات الرسمية في واشنطن، التي لا تبدو قادرة على إيصال الرسائل إلى ترامب نفسه. خبراء صينيون يقولون إن التواصل مع وزارة الخارجية أو مجلس الأمن القومي الأمريكي لا يضمن وصول المفاوضات إلى قلب الإدارة. “هل يمكن لهذه القنوات الوصول إلى الرئيس ترامب؟ هل يفهمون حقًا ما يفكر فيه؟” هكذا تساءل دا وي، مدير مركز الأمن الدولي بجامعة تسينغهوا. هذا التباين في قنوات التواصل يضعف فرص الحوار المباشر، ويزيد من تعقيد العلاقات بين الطرفين.

جهود صينية حثيثة لاستئناف الحوار رغم العقبات
في محاولة لتجاوز الحواجز الرسمية، أرسلت الصين وفودًا من الأكاديميين للمشاركة في محادثات دبلوماسية غير رسمية مع مسؤولين أمريكيين وخبراء في السياسة الخارجية. وفي الوقت ذاته، وجه وزير التجارة الصيني دعوات مباشرة إلى نظرائه في الولايات المتحدة لعقد لقاءات، إضافة إلى الدعوات لاستئناف الحوار حول قضايا أخرى مثل مكافحة إنتاج الفنتانيل. هذه المبادرات تعكس رغبة بكين في تهدئة التوترات التجارية وفتح قنوات تواصل مع الإدارة الأمريكية، لكنها في الوقت نفسه تواجه جدار صلب من المواقف الأمريكية المتشددة التي لا تزال تركز على فرض المزيد من الرسوم الجمركية والقيود.

ملفات ساخنة: التعريفات الجمركية والتكنولوجيا وتايوان
الرهان الصيني الأكبر يكمن في معرفة ما يريده ترامب تحديدًا في صفقة تجارية محتملة. الصين تتطلع إلى رفع التعريفات المفروضة عليها، وتخفيف القيود على تصدير التكنولوجيا والاستثمار الصيني في أمريكا، إضافة إلى ضمانات بشأن عدم التصعيد حول ملف تايوان. من جهتها، تحاول بكين الموازنة بين الردود المتشددة على الرسوم الأمريكية وإبقاء الباب مفتوحًا أمام المفاوضات. إذ ترى أن تصعيد الحرب التجارية قد يعرقل تعافي اقتصادها المتعثر، وهو ما قد يهدد الاستقرار الداخلي لبكين على المدى المتوسط.

مفاوضون أمريكيون معادون.. وعقبات أمام القمة
الصين تنظر بريبة إلى دور بعض المسؤولين الأمريكيين مثل وزير الخارجية ماركو روبيو والمستشار للأمن القومي مايك والتز، اللذين يُعتبران من الأصوات الصقورية تجاه بكين. هذه الشخصيات تعيق بحسب تحليلات صينية، جهود التفاوض وترفض تقديم تنازلات أو فتح قنوات اتصال فعالة مع ترامب. يقول وانغ دونغ، مدير معهد التعاون العالمي في جامعة بكين، إن “روبيو ليس في مزاج لإجراء أي محادثات لأنه يرى في الصين تهديدًا”. هذا المناخ المتوتر داخل واشنطن يضيق مساحة المناورة أمام المفاوضات عالية المستوى، ويهدد بإطالة أمد الخلافات الاقتصادية والسياسية بين البلدين.

الشهر المقبل: مفترق طرق في العلاقات الأمريكية الصينية
يتوقع خبراء صينيون أن الأشهر القادمة ستكون حاسمة، مع احتمالية فرض ترامب جولة جديدة من الرسوم الجمركية على السلع الصينية. بحسب وُو شينبو، عميد معهد الدراسات الدولية في جامعة فودان، “لا توجد اتصالات جوهرية أو مفاوضات بين الحكومتين في الوقت الحالي.” هذا الفراغ الدبلوماسي قد يؤدي إلى تفاقم التوترات ويعطل جهود الطرفين لإيجاد حلول وسط تحقق مصالحهما. كما أن النهج القاسي والمباشر الذي يتبعه ترامب يصعب التكيف معه من قبل المسؤولين الصينيين الذين يفضلون التخطيط الدقيق والابتعاد عن المفاجآت في العلاقات الدولية.

قراءة تحليلية: ترامب واللعب على المكشوف
طريقة ترامب في الدبلوماسية تعتمد على الضغط الاقتصادي والتهديدات، حتى مع حلفائه، معتمدًا على عنصر المفاجأة وعدم التوقع كأداة رئيسية. وهذا ما يثير القلق في بكين التي تفضل الاجتماعات المخططة جيدًا والتي تضمن الحد من المخاطر السياسية والرمزية. بينما تصدر تصريحات ترامب عن رغبة في لقاء شي، فإن الخبراء يرون أن ذلك يعكس أكثر رغبة ترامب في إبراز نفسه كرئيس قوي ومفاوض لا يُقهر، أكثر من كونه خطة واقعية لمحادثات جادة. كما أن رغبة الصين في استضافة ترامب في بكين تعكس حساسية كبيرة حول المكان الذي يُعقد فيه اللقاء، إذ أن الذهاب إلى واشنطن قد يُنظر إليه على أنه إشارة ضعف.
مبادرات أخرى ومحاولات لتجديد العلاقات
في غياب اللقاءات الرسمية، برزت محاولات من شخصيات أخرى لتولي دور الوسطاء، مثل زيارة السيناتور ستيف داينز إلى الصين لحضور منتدى أعمال، حيث سيتناول موضوعات مثل مكافحة الفنتانيل وزيادة شراء المنتجات الأمريكية. لكن حتى الآن، لا توجد مؤشرات واضحة على تقدم في العلاقات الرسمية. كما تواجه الولايات المتحدة صعوبة في تسويق منتجاتها للصين، التي ترفض رفع الأسعار غير المعقولة لتحقيق أهداف تجارية، وتعتبر الاستثمارات الصينية تهديدًا استراتيجيًا. لذلك، يعتقد البعض أن ترامب قد يستخدم فترة التوتر هذه لكسب مزيد من النفوذ في مفاوضات مستقبلية، مع السماح للصين “بالغليان في عصيرها الخاص” كما وصفته يان صن، مديرة برنامج الصين في مركز ستيمسون.