الوكالات

العودة إلى الأعماق: كيف تعيد قنابل التحصينات رسم موازين القوة العالمية؟

مع الضربات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة في 22 يونيو ضد منشآت إيرانية يُعتقد أنها تستخدم لتخصيب المواد النووية، تعود القنابل الخارقة للتحصينات لتتصدر المشهد العسكري العالمي، ليس فقط من ناحية الاستخدام، بل من حيث سباق التطوير والردع المتبادل. وبينما تثبت قنبلة GBU-57 الأمريكية فعاليتها كأقوى سلاح اختراق أرضي في الترسانة الأمريكية، بدأت قوى إقليمية ودولية، مثل إسرائيل وتركيا والهند، في تطوير نسخها الخاصة، أو تعديل المنظومات القائمة لتعزيز قدراتها ضد أهداف مدفونة٩ بعمق.

لكن التطور اللافت يأتي من الصين، التي وعلى الرغم من أنها لم تطوّر قنبلة مشابهة بمستوى “موب” (MOP)، إلا أنها تروّج لدراسة تقنية تدّعي كشف نقطة ضعف محتملة في التصميم الأمريكي. هذا الادعاء أثار موجة من النقاش بين الخبراء العسكريين حول مدى واقعية اعتراض قنابل خارقة للتحصينات أثناء طيرانها، في وقت تسعى فيه واشنطن لتعزيز قدراتها عبر تطوير جيل جديد من القنابل عالية الدقة وقليلة الاعتماد على نظام GPS.

القنبلة GBU-57/B: رأس الحربة الأمريكية

تزن 30 ألف رطل وتُعدّ أثقل قنبلة خارقة للتحصينات في العالم.

تُطلق من طائرات الشبح B-2 فقط، وتخترق أكثر من 60 مترًا في الأرض أو 8 أمتار من الخرسانة المسلحة.

تعتمد على طاقة السقوط من ارتفاع شاهق وتنفجر بواسطة فتيل زمني ذكي بعد الاختراق.

يُقال إنها استخدمت لأول مرة خلال الهجوم على منشآت نطنز وفوردو الإيرانية.

التوجه نحو الجيل التالي: NGP

تسعى القوات الجوية الأمريكية لتطوير “الجيل التالي من القنابل الخارقة” بوزن أقل من 22 ألف رطل ودقة تصل إلى 2.2 متر حتى في بيئات خالية من إشارات GPS.

المشروع يركز على تحسين الذكاء الاصطناعي للفتائل، بحيث يمكنها “عدّ الطوابق” داخل الهدف تحت الأرض لتحديد التوقيت الأمثل للانفجار.

الهدف هو تجاوز التحديات المرتبطة بنقص المعلومات الاستخباراتية المسبقة عن عمق وتصميم الأهداف المحصّنة.

القدرات الإسرائيلية والتركية والهندية

إسرائيل: تعتمد على نسخ أخف مثل GBU-28 وBLU-109، وتُستخدم غالبًا عبر مقاتلات F-15. تقارير أشارت لاستخدامها ضد مواقع حزب الله في لبنان.

تركيا: كشفت عن قنبلة NEB HAYALET محلية الصنع، بوزن يقارب 2 طن، قادرة على اختراق 7 أمتار من الخرسانة العسكرية. وتُطلق من مقاتلات F-16.

الهند: تطور نسخة خاصة من صاروخ “أجني-5” التقليدي لضرب منشآت عدوة على أعماق تصل إلى 100 متر، لتكون من بين أقوى الصواريخ التقليدية عالميًا.

الادعاء الصيني: نقطة ضعف في “موب”

تشير دراسة صينية إلى أن جوانب القنبلة أقل تدريعًا من مقدمتها، وقد تكون عرضة لاعتراض من قبل المدافع المضادة للطائرات عند الزاوية الصحيحة.

بحسب الدراسة، إذا أصيبت القنبلة على ارتفاع أقل من 3900 قدم وبزاوية مناسبة، يمكن أن تتضرر أو تنفجر قبل بلوغ الهدف.

الردود الغربية: الواقعية العسكرية أقوى من النظريات

يرى خبراء عسكريون أن فرص اعتراض قنبلة خارقة أثناء السقوط شبه معدومة بسبب سرعة القنبلة وارتفاعها وقدرتها على المناورة في اللحظات الأخيرة.

كما أن المهام الجوية تُخطط غالبًا للقضاء على الدفاعات الجوية قبل إطلاق القنابل.

يشكك الخبراء في جدوى تعميم النظرية الصينية على مسارح عمليات مختلفة، نظرًا لاختلاف التضاريس والأنظمة.

القنابل الذكية والفتائل المتقدمة

تركز الولايات المتحدة على تطوير فتائل “واعية” قادرة على تمييز الفجوات والمواقع المناسبة للانفجار داخل المنشآت تحت الأرض.

الفتائل المزودة بمقاييس تسارع ومعالجات دقيقة يمكنها استشعار مراحل الاختراق لحظة بلحظة.

هل نحن أمام سباق تسلّح جديد؟

تتجه دول عديدة إلى تطوير قدرات لاختراق أو تحصين منشآتها تحت الأرض، في ما يشبه سباق تسلح تكنولوجي بين أدوات الضرب ووسائل الحماية.

يظل التفوق الأمريكي في الوزن والدقة والقدرة على التنفيذ هو الأبرز حتى الآن، لكن الأبحاث الصينية والأوروبية والآسيوية قد تغيّر المعادلة مستقبلاً.

اقرأ أيضاً:

78 ساعة على تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ 2025

يارا حمادة

يارا حمادة صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى