انهيار صادرات البروبان الأميركية إلى الصين مع تصاعد الحرب التجارية

لم تمضِ سوى أيام على إعلان الصين فرض رسوم جمركية مشددة رداً على قرارات مماثلة من الولايات المتحدة، حتى بدأت تداعيات هذا التصعيد تظهر جلياً في سوق الطاقة، حيث توقفت حركة التجارة الثنائية للبروبان بين البلدين، ما أدى إلى انهيار أسعاره في السوق الأميركية.
البروبان، وهو نوع من الغاز النفطي المسال يُستخدم في التدفئة وصناعة البلاستيك، لم يعد يُصدر إلى الصين، ثاني أكبر مستورد له بعد اليابان، ما أفقد صادراته جدواها الاقتصادية. في المقابل، يسعى المشترون الصينيون حالياً إلى تعويض النقص عبر موردين آخرين، لكنهم يواجهون أسعاراً باهظة وصلت إلى 130 دولاراً للطن—أي أربعة أضعاف السعر السابق—في ظل محاولات التجار استغلال الوضع الراهن.
ضربة قاسية لمصانع البلاستيك
قبل اندلاع الأزمة، كانت العلاقة التجارية بين الولايات المتحدة والصين في مجال الغاز المسال تسير بشكل مثالي: الإنتاج الأميركي ازدهر بفضل طفرة النفط الصخري، والصين وسّعت قدرتها الإنتاجية لمواكبة الطلب على البلاستيك. لكن فرض رسوم جمركية متبادلة أطاح بهذا التعاون.
أكثر المتضررين من الأزمة هي مصانع نزع الهيدروجين من البروبان في الصين، والتي تنتج البروبيلين، أحد المكونات الأساسية في صناعة البلاستيك. هذه المصانع تعمل بهوامش ربح ضيقة، وتواجه حالياً تحديات مضاعفة بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين، ما أدى إلى تراجع معدلات التشغيل وتأجيل مشاريع توسعية.
تراجع تجارة الغاز بين العملاقين
شهدت صادرات الغاز النفطي المسال من الولايات المتحدة إلى الصين طفرة كبيرة في السنوات الماضية، لتصل قيمتها إلى مليار دولار شهرياً. وكانت أميركا تمثل 60% من واردات الصين من هذا الوقود في العام الماضي، متقدمة بفارق كبير عن ثاني أكبر مورد وهو أبوظبي.
لكن الغاز المستورد من الشرق الأوسط غالباً ما يحتوي على خليط من البروبان والبيوتان، وهو أقل ملاءمة للمصانع الصينية، ما يجعل العودة إلى هذه المصادر خياراً أقل كفاءة.
ووفق شركة “ريستاد إنرجي”، فإن الطاقة الإنتاجية لمصانع نزع الهيدروجين من البروبان في الصين بلغت 22 مليون طن بنهاية العام الماضي، أي ثلاثة أضعاف مستواها قبل أربع سنوات. وتُقدّر الشركة أن الرسوم الجمركية الجديدة البالغة 125% قد تؤدي إلى خسائر تصل إلى 770 دولاراً للطن من البروبان الأميركي المعالج، في حين يمكن تقليل الخسائر إذا تم اللجوء إلى شحنات الشرق الأوسط بتكلفة تحويل أقل.
بحث عن بدائل خارج الصين
في ضوء هذه التطورات، بدأت الشركات الأميركية المصدّرة للبروبان في البحث عن أسواق بديلة. وذكر بنك “سيتي غروب” أن بعض الشحنات بدأت تتجه إلى أوروبا، بينما رجحت شركة “ريستاد” أن تكون الهند وجهة محتملة، خاصة إذا استمر تراجع الأسعار.