كاريكاتير عن النبي محمد يُشعل احتجاجات واعتقالات في تركيا

اندلعت مواجهات عنيفة في مدينة إسطنبول، مساء الإثنين، عقب نشر مجلة “ليمان” الساخرة رسمًا كاريكاتيريًا زعم أنه يُجسّد النبي محمد ﷺ.

اعتبر المحتجون أن المجلة تعمدت الإساءة للمقدسات الإسلامية، ما دفع المئات منهم للتجمع أمام مقرها، وسط أجواء مشحونة بالغضب.

قوات الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين الذين قُدّر عددهم بما بين 250 و300 شخص، وفقًا لمراسل وكالة “فرانس برس”.

بعض المحتجين حاولوا اقتحام حانة قريبة اعتاد موظفو المجلة التردد عليها، مما زاد من حدة التوتر في محيط المكان.

رئيس التحرير ينفي: لم نُجسّد النبي

في محاولة لتهدئة الموقف، نفى رئيس تحرير المجلة، تونجاي أكغون، أن يكون الرسم المقصود يُمثّل النبي محمد، مؤكدًا أن العمل يعبّر عن مسلم قُتل في قصف إسرائيلي.

قال: “الاسم في الرسم يمثل شخصية خيالية تدعى محمد، ولا علاقة لها بالنبي. هناك ملايين المسلمين حول العالم يحملون هذا الاسم، ولم تكن لدينا أي نية للإساءة.”

أضاف أكغون أن من يفسّر الرسم على هذا النحو “يحمّله ما لا يحتمل”، مشددًا على أن المجلة “لا يمكن أن تُقدم على مخاطرة كهذه إطلاقًا”.

 اعتقالات وتحرّك حكومي عاجل

أعلنت وزارة الداخلية التركية، عبر بيان رسمي على منصة X، أن قوات الأمن أوقفت الرسام المسؤول عن الكاريكاتير، بالإضافة إلى مصمم الغلاف.

ذكر الوزير علي يرلي كايا أن الشخص المُنفّذ “سيُحاسب أمام القانون هو وكل من شاركه في هذا الفعل المشين”.

التقارير المحلية أشارت إلى أن أوامر الاعتقال شملت أيضًا رئيس التحرير ومدير التحرير بالمجلة، مع بدء تحقيق رسمي بتهمة “إهانة القيم الدينية علنًا”.

اقرأ ايضا: شجرة الغرقد تثير الجدل من جديد.. ما علاقتها بنهاية الزمان؟

 المجلة: الحملة تحريضية ومقصودة

في سلسلة منشورات عبر حساباتها على مواقع التواصل، نفت مجلة “ليمان” الاتهامات، وأكدت أن ما نُشر تم تحريفه عمدًا لإثارة الرأي العام.

جاء في البيان:“العمل الفني لا يحتوي على أي تجسيد للنبي محمد، بل يعبّر عن مأساة مسلم قُتل جراء قصف إسرائيلي.”

كما أضافت المجلة: “نرفض بشكل قاطع وصف الرسم بأنه مسيء، ونعتبر ما يحدث حملة تحريضية تهدف لتشويه صورتنا أمام جمهورنا.”

اختُتم البيان باعتذار مقتضب، قالت فيه المجلة: “نعتذر لكل من تأثر سلبًا بهذا الجدل ممن يحملون نوايا طيبة.”

 

وزير العدل يلماز تونش أكد فتح تحقيق رسمي، مضيفًا: “حرية التعبير لا تبرر السخرية من العقائد، ما حدث يُعتبر تعديًا على السلام المجتمعي والقيم الدينية.”

صرّح والي إسطنبول داوود غُل بأن السلطات لن تسمح بأي استفزاز يستهدف معتقدات المجتمع، قائلًا: “سنتخذ الإجراءات القانونية الحاسمة تجاه كل من يشارك في مثل هذه الإساءات.”

خلفية مثيرة للجدل لمجلة ليمان

تُعرف مجلة “ليمان”، التي تأسست عام 1991، بطابعها الساخر وانتقاداتها السياسية الحادة.

أثارت المجلة جدلاً كبيرًا سابقًا بسبب تضامنها مع مجلة “شارلي إيبدو” الفرنسية بعد الهجوم الذي تعرّضت له عام 2015، على خلفية نشرها رسومًا مسيئة للنبي محمد ﷺ.

الحادثة الأخيرة تُعيد إلى الواجهة الجدل المزمن في تركيا حول حدود حرية التعبير، وما إذا كانت السخرية السياسية تبرر تجاوز الخطوط الحمراء الدينية.