الرياضة

معركة إعلامية بلا نهاية: كيف يصنع الإعلام المدريدي والكتالوني وقود الفتنة بين الجماهير؟

لا يمكن قراءة الجدل الأخير حول ملعب يوهان كرويف وسعته الجماهيرية بمعزل عن الدور الكبير الذي تلعبه المنصات الإعلامية المرتبطة بريال مدريد وبرشلونة.

فالإعلام الإسباني منقسم تاريخيًا بين “المعسكر المدريدي” و”المعسكر الكتالوني”، ولكل طرف أدواته وخطابه الخاص الذي يغذي روايته أمام الجماهير، حتى لو كان الثمن تضليل المتابعين.

الإعلام المدريدي: استراتيجية التشكيك والتضخيم

المنابر القريبة من مدريد تركز غالبًا على إبراز أي خطأ أو ثغرة إدارية في برشلونة وتضخيمها حتى تتحول إلى قضية رأي عام. الهدف واضح: ضرب صورة النادي المنافس أمام جماهيره وإحراجه محليًا ودوليًا. المثال الأخير واضح؛ تحويل سعة ملعب يوهان كرويف إلى مادة للهجوم، رغم أن مدريد عاش تجربة مشابهة في دي ستيفانو خلال فترة كورونا لكن في ظروف مختلفة تمامًا.

الإعلام الكتالوني: خطاب المظلومية والاستهداف

على الجانب الآخر، يميل الإعلام الكتالوني إلى رسم صورة برشلونة كضحية دائمة لـ”مؤامرة مدريدية” سواء من الإعلام أو من الاتحاد الإسباني أو حتى من الحكام. هذا الخطاب يلقى صدى كبيرًا بين مشجعي البلوغرانا، الذين يشعرون أصلًا بأن ناديهم مستهدف سياسيًا ورياضيًا. وهنا تتحول كل قضية صغيرة إلى “دليل إضافي” على أن هناك حربًا مفتوحة ضد برشلونة.

المتابع العربي بين المطرقة والسندان

الجمهور العربي يتأثر بشدة بما تنشره هذه المنصات، خصوصًا مع ترجمة الأخبار بسرعة عبر الحسابات في تويتر وإنستغرام، لكن المشكلة أن كثيرًا من هذه الأخبار تأتي مبتورة أو محمّلة بأجندة واضحة، ما يجعل النقاش ينحرف من تحليل واقعي إلى حرب كلامية عقيمة. النتيجة: جمهور يتعامل مع “روايات إعلامية” كأنها حقائق مطلقة، رغم أنها في الأصل أدوات دعائية لصراع أكبر.

صناعة “الترند” سلاح استراتيجي

اللافت أن هذه القضايا تُدار بذكاء إعلامي، حيث

معركة إعلامية
معركة إعلامية

يعرف الطرفان أن أي جدل مرتبط بريال مدريد وبرشلونة سيصبح سريعًا ترندًا عالميًا، مما يضمن لهم نسب مشاهدة وتفاعل هائلة. بمعنى آخر، الإعلام نفسه يستفيد من ضخ هذا الجدل، لأنه يحول كرة القدم من مجرد منافسة رياضية إلى “معركة هوية” تتجاوز المستطيل الأخضر.

المقارنة بين الإعلام المدريدي والكتالوني تكشف أن كل طرف يلعب على وتر حساس لدى جماهيره: مدريد يعتمد على التشكيك وتفجير القضايا الصغيرة، بينما برشلونة يرد بخطاب المظلومية التاريخية. وفي النهاية، المتابع المحايد هو الضحية الأكبر إذا لم يمتلك القدرة على التمييز بين الخبر والتحليل وبين الدعاية والواقع.

https://theworldinminutes.com/archives/47152

السيد الأعرج

صحفى مصري متخصص في الملف الرياضى وتغطية الكرة المحلية و العربية و الإفريقية و العالمية والأوروبية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى