الوكالات

قائمة الأعداء: من سيبقى آمنًا في ولاية ترامب الثانية؟

ترامب يعود إلى الحكم: حملة انتقام غير مسبوقة تتوسع بلا قيود

منذ أن عاد إلى سدة الحكم، لم يتأخر الرئيس دونالد ترامب في تنفيذ وعوده بـ”الانتقام السياسي”، لكن ما لم يكن متوقعًا هو حجم الحملة واتساعها، وابتعادها  إلى حد كبير  عن الطرق القانونية التقليدية, فقد اتخذ ترامب وحلفاؤه خطوات متسارعة وعنيفة ضد كل من اعتبرهم خصومًا أو عقبة في طريقه، بأساليب جمعت بين البيروقراطية والتشهير والملاحقة الإدارية والمالية، وحتى سحب الامتيازات الأمنية.وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز

الضربات الأولى: استهداف إدارة بايدن والديمقراطيين

في ضربة رمزية وعملية، سحب ترامب التصاريح الأمنية من الرئيس السابق جوزيف آر. بايدن الابن، ومن نائبة الرئيس السابقة كامالا هاريس، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ونائبة وزير العدل ليزا موناكو، والمرشحة الرئاسية السابقة هيلاري كلينتون، والخبير القانوني نورمان آيزن.

ولم تتوقف الحملة عند حدود المسؤولين المباشرين، بل امتدت لتطال أفرادًا من عائلة بايدن، إذ أُلغيت الحماية الأمنية عن هانتر وآشلي بايدن، في إجراء غير مسبوق استهدف أفرادًا غير منخرطين بشكل مباشر في العمل السياسي.

حلفاء الأمس.. أعداء اليوم

حتى بعض الشخصيات التي خدمت في إدارة ترامب الأولى لم تنجُ من موجة الانتقام. شملت الإجراءات سحب الحماية الأمنية من مسؤولين بارزين مثل جون بولتون، مايك بومبيو، براين هوك، ووزير الدفاع السابق مارك إسبر. وكان من أبرز المستهدفين الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة سابقًا، الذي لم تُسحب فقط حمايته الأمنية، بل أُزيلت صورته من جدران البنتاغون، وبدأ تحقيق رسمي في سجله العسكري.

العدالة تحت المقصلة: استهداف المحققين والمدعين

طالت حملة الانتقام مسؤولين حاليين وسابقين شاركوا في تحقيقات جنائية أو مساءلات نيابية ضد ترامب، مثل المدعية العامة ليتيسيا جيمس، والمدعي ألفين براغ، والمحللة السابقة في مجلس الأمن القومي فيونا هيل، والضابط ألكسندر فيندمان، والمحامي مارك زايد، والمدعي الفيدرالي السابق أندرو فايسمان، والعضوين الجمهوريين اللذين عارضا ترامب: ليز تشيني وآدم كينزينجر.

وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي: تطهير غير مسبوق

استُهدفت وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي بشكل خاص، حيث طُرد العشرات من المحامين والمسؤولين، بمن فيهم أولئك الذين عملوا على ملفات العفو، والإفلاس، وتحقيقات 6 يناير. كما أمر ترامب بفتح تحقيقات ضد المدعين الذين لاحقوا مثيري الشغب في الكونغرس، مع نية معلنة لسحب تصاريحهم الأمنية.

كما أُقيلت محامية العفو في الوزارة بعد رفضها دعم استعادة حقوق حيازة السلاح للممثل ميل جيبسون، أحد أنصار ترامب.

الجامعات تحت المجهر: تمويلات مجمدة وتحقيقات أيديولوجية

لم تسلم الجامعات من هذه الحملة. أوقفت الإدارة تمويلات اتحادية لعدد من المؤسسات التعليمية المرموقة، من بينها كولومبيا، وبنسلفانيا، وهارفارد، وبرينستون، وبراون. وعلّلت الحكومة هذه الإجراءات بمزاعم تتعلق بـ”معاداة السامية” أو مشاركة متحوّلات جنسيًا في منافسات رياضية.

وسائل الإعلام: الرقابة والعقوبات الإدارية

وسّع ترامب هجومه ليشمل وسائل الإعلام، حيث مُنع مراسلو وكالة “أسوشييتد برس” من دخول البيت الأبيض بسبب استخدامها مصطلح “خليج المكسيك” بدلاً من “خليج أمريكا”، المصطلح المفضل للرئيس. كما فتحت لجنة الاتصالات الفيدرالية، برئاسة شخصية مقرّبة من ترامب، تحقيقات ضد PBS وNPR وCBS وNBC ومحطة KCBS.

الحرب على شركات التكنولوجيا ومارك زوكربيرغ

توصّل ترامب إلى تسوية قضائية بقيمة 25 مليون دولار مع شركة “ميتا”، المالكة لفيسبوك، التي أوقفت حساباته بعد أحداث اقتحام الكونغرس. وقبل الانتخابات، هدد الرئيس بسجن المؤسس مارك زوكربيرغ، متهمًا إياه بالتآمر ضده.

العدالة الانتقائية: تصفية المفتشين العامين ومراقبي الهجرة

أقال ترامب 12 مفتشًا عامًا، وهو ما اعتبره مراقبون “تطهيرًا غير مسبوق” لمؤسسات الرقابة المستقلة. كما طُرد رئيس محاكم الهجرة المؤقت وثلاثة مسؤولين كبار آخرين، في خطوة قضت على أجهزة رقابية كانت تنتقد سياسات ترامب الصارمة تجاه المهاجرين.

الرسالة أوضح من أي وقت مضى

في ظل كل هذه الإجراءات، باتت الرسالة واضحة: أي شخص يعارض ترامب، سواء أكان من الحزب الديمقراطي أو الجمهوري، سواء كان موظفًا عامًا أو شخصية إعلامية، سواء كان قاضيًا أو أكاديميًا، قد يجد نفسه مستهدفًا بشكل مباشر من قبل إدارة لا تعترف بالحياد المؤسسي.

حملة ترامب هذه لم تُبنَ على قوانين مكتوبة بقدر ما استندت إلى النفوذ التنفيذي والبيروقراطي، ما يُثير تساؤلات جوهرية حول مستقبل الحوكمة في الولايات المتحدة، وحدود السلطة الرئاسية في ظل غياب رقابة فاعلة.

اقرأ ايضًا: بريطانيا: كيف يمكنها تجاوز تهديدات ترامب واستغلال الفرص العالمية

محمود فرحان

محمود أمين فرحان، صحفي متخصص في الشؤون الدولية، لا سيما الملف الروسي الأوكراني. عمل في مؤسسات إعلامية محلية ودولية، وتولى إدارة محتوى في مواقع إخبارية مثل "أخباري24" والموقع الألماني "News Online"، وغيرهم, حيث قاد فرق التحرير وواكب التغيرات المتسارعة في المشهد الإعلامي العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى