مواجهة التنين: كيف تعيد تايوان بناء جيشها لمواجهة الصين؟

أعلنت الحكومة التايوانية في تقرير جديد عن عزمها إعادة توجيه جهود التدريب العسكري نحو سيناريوهات قتالية واقعية، في ظل تصاعد التهديدات العسكرية الصينية في محيط الجزيرة.
ففي مراجعة الدفاع الرباعية التي نُشرت الشهر الماضي، والتي أصبحت متاحة الآن باللغة الإنجليزية، أكدت تايبيه إدراكها لخطر القوات الصينية، لكنها أقرت في الوقت نفسه بالحاجة إلى تطوير قدراتها لردع أي غزو محتمل أو التصدي له عند الضرورة.
وجاء في الوثيقة: “سيتم تعزيز الدورات التدريبية وزيادة شدتها لتطوير المهارات القتالية على جميع المستويات، وتعزيز جاهزية القوات القتالية الفورية”.
ورغم ذلك، أظهرت ملاحظات ميدانية لصحفيين، من بينهم مراسل ديفينس نيوز، أن بعض التدريبات التايوانية اتسمت بالطابع النمطي والمعد سلفًا، بعيدًا عن تعقيدات “ضباب الحرب” التي تميز المعارك الحديثة.
وقد أشار مراقبون ومستشارون أميركيون إلى ضعف عنصر الواقعية في تلك التدريبات. وقال روبرت هاموند-تشامبرز، رئيس مجلس الأعمال الأميركي-التايواني، إن ما ورد في تقرير المراجعة يُعد “نقدًا ذاتيًا مهمًا”، وأضاف: “التدريب هو أحد المجالات التي تحتاج إلى تحسين كبير، وهناك دعم أميركي متزايد لإجراء تدريبات موسعة داخل تايوان وخارجها”.
بدوره، صرّح راندال شريفر، رئيس معهد Project 2049 الأميركي، أمام مجلس الشيوخ الأميركي في مارس الماضي، بأن واشنطن يجب أن تبذل المزيد لتدريب القوات التايوانية، مشيرًا إلى أن هذا التعاون كان يعتبر من المحظورات لسنوات طويلة.
وأشار التقرير إلى الحاجة لتنفيذ تدريبات قتالية واقعية “بأسلوب القوة ضد القوة، في مواقع فعلية، وبشكل مباشر”، استجابةً لما وصفه بـ”تهديدات العدو المتنوعة والتغيرات السريعة في ساحات القتال”.
ومن بين الأدلة على تغير التكتيكات الصينية، استخدام الجيش الصيني جسور إنزال جديدة، ظهرت في صور أقمار صناعية في يناير، وتم تجريبها في شاطئ بمقاطعة غوانغدونغ في مارس. وتتيح هذه الجسور المتنقلة نقل المعدات العسكرية بسرعة من السفن إلى الشاطئ.
وحذر أندرو إريكسون، أستاذ الاستراتيجية في كلية الحرب البحرية الأميركية، قائلًا: “لا شك أن هذه الجسور صُممت خصيصًا لسيناريو غزو تايوان”، مشيرًا إلى أن توصيل ثلاث جسور متصلة قد يُشكل ممرًا بطول 900 ياردة يسمح بإنزال القوات والمعدات مباشرة على الشواطئ.
وتُعقد هذه التطورات مهمة الدفاع التايواني، خصوصًا أن معهد Project 2049 كان قد حدد سابقًا 14 شاطئًا فقط على الجزيرة صالحة للإنزال العسكري الواسع، لكن التكنولوجيا الجديدة توسّع نطاق الخيارات المتاحة للصين.
ودعت المراجعة الدفاعية التايوانية إلى إنشاء بيئات تدريب واقعية للتمارين المشتركة والتدريبات الحية، لاختبار فعالية التكتيكات والأسلحة في ظروف قريبة من القتال الحقيقي.
وفي خطوة ملموسة، رفعت تايوان مدة الخدمة العسكرية الإلزامية العام الماضي من أربعة أشهر إلى عام كامل، بسبب “التهديدات المتزايدة”. لكن المعنويات المتدنية وصعوبات الاحتفاظ بالجنود لا تزال من التحديات، وهي أمور يعزوها البعض إلى ضعف جودة التدريب.
ووعدت المراجعة بأن المجندين لن يكتفوا بعد الآن بإطلاق ذخيرة محدودة، بل سيتلقون تدريبات على استخدام أسلحة متقدمة مثل الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات والطائرات المسيرة والصواريخ المضادة للدبابات.
ورغم هذه النقاط الضعف، يرى هاموند-تشامبرز أن المراجعة الدفاعية تعكس وعيًا حقيقيًا بطبيعة التهديد، مشيرًا إلى أن الإنفاق الدفاعي التايواني قد تضاعف خلال السنوات الثماني الماضية، كما تحسّن الدعم الأميركي في مجالات متعددة.
وفيما يتعلق بجاهزية تايوان، أشار إلى وجود “نقاط قوة واضحة في مجال ردع الغزو التقليدي”، لكنه حذّر من وجود فجوات في مجالات مثل الحروب الرمادية، والحصار، والبنية التحتية الحيوية.
ويُذكر أن تايوان بدأت هذا الشهر المرحلة الأولى من تمرين “هان كوانغ” السنوي، والذي انطلق في 5 أبريل ويستمر أسبوعين. وقد تم تصميم السيناريوهات هذا العام للتعامل مع تصعيد تدريجي للتمارين الصينية إلى هجوم فعلي.
ومن المقرر أن تُعقد المرحلة الثانية من التمرين، التي تتضمن تدريبات حية، في الفترة ما بين 8 و18 يوليو، مع تعبئة 20 ألفًا من جنود الاحتياط، مقارنة بـ14 ألفًا في العام الماضي.