كييف تغيّر استراتيجيتها: شراء السلاح الأمريكي عبر أوروبا بدلاً من انتظار المساعدات.
في ظل توقف الدعم الأمريكي واشتداد القتال، أوكرانيا تعتمد خطة دبلوماسية جديدة لتأمين الأسلحة عبر تمويل أوروبي وموافقة واشنطن.

مع توقف المساعدات العسكرية الأميركية المباشرة، تسعى أوكرانيا للحصول على أسلحة حيوية من الولايات المتحدة بطريقة غير تقليدية: عبر شراء هذه الأسلحة بتمويل أوروبي وتحويلها إلى كييف، في خطوة تعكس تحوّلاً دبلوماسياً لافتاً في سياسة الدعم العسكري.
دبلوماسية الأسلحة: خطة التفاف عبر الحلفاء الأوروبيين
بعد أن فوجئت كييف بتجميد شحنات أسلحة حيوية مثل صواريخ “باتريوت” وذخائر مدفعية ثقيلة، بدأت السلطات الأوكرانية بالضغط على واشنطن لمنح الدول الأوروبية الضوء الأخضر لشراء الأسلحة الأميركية وتحويلها مباشرة إلى أوكرانيا. وهذه الخطوة تُعد خروجاً عن نموذج الاعتماد على “المعونات المجانية”، وتحولاً نحو شراكات تمويل وتسليح مدروسة.
عوائق قانونية ومكونات أميركية تؤخّر التسليم
العقبة الكبرى أمام هذه الخطة هي القيود القانونية التي تفرضها الولايات المتحدة على تصدير الأسلحة إلى طرف ثالث. وعلى سبيل المثال، جرى سابقاً تعطيل نقل صواريخ “ستورم شادو” البريطانية لأوكرانيا بسبب احتوائها على تكنولوجيا أميركية. وكما أن بطء التصنيع الأميركي للأسلحة، لا سيما الدفاعات الجوية مثل HIMARS و“باتريوت”، يجعل وصولها متأخراً حتى عند توافر التمويل.
لقاء ترامب وزيلينسكي: إيجابية مشروطة
رغم التوتر بين كييف وواشنطن، كشفت مصادر دبلوماسية أن لقاء الرئيس الأوكراني زيلينسكي بالرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب خلال قمة الناتو في لاهاي كان “إيجابياً”.
وأبدى ترامب تفهمه للوضع الأمني الأوكراني، لكنه لم يقدم وعوداً حاسمة، مكتفياً بالقول: “يريدون صواريخ مضادة للصواريخ… وسنرى إذا كنا نستطيع توفيرها”.
من المساعدات إلى الشراكات: كييف تغيّر خطابها
وفقًا للسيناتور الجمهوري روجر ويكر، عدّلت أوكرانيا طلبها الرسمي لتتمكن من استخدام الميزانيات الدفاعية الأوروبية في شراء السلاح الأميركي، بدلاً من انتظار موافقة الكونغرس على مساعدات جديدة. وهذا التوجه يُمثّل تحوّلاً استراتيجياً نحو نموذج “الشراكة مقابل الدفع”، بعيداً عن انتظار “الإغاثة العسكرية”.
دعم أوروبي قوي لكن محدود
رغم إعلان بريطانيا وكندا ودول أوروبية أخرى عن حزمة مساعدات عسكرية تقدر بنحو 23.5 مليار دولار في الربع الأول من 2025، يتوقع أن ترتفع إلى 40.6 مليار دولار حتى نهاية العام. ولكن بعض أنواع السلاح، خصوصاً أنظمة الدفاع الجوي، لا تُنتج إلا في الولايات المتحدة، مما يجعل الخيار الوحيد أمام أوروبا هو تمويل شراء هذه الأسلحة من السوق الأميركية.
مستقبل الدعم: رهان أوكرانيا على السرعة والموافقة
الرهان الأوكراني الجديد يعتمد على ثلاث ركائز:
1. موافقة واشنطن القانونية على تمرير الأسلحة عبر طرف ثالث.
2. تسريع الإنتاج الأميركي.
3. استثمار الميزانيات الدفاعية الأوروبية بشكل ذكي ومرن.
لكن جميع هذه العناصر تواجه تحديات سياسية ولوجستية في ظل تصاعد القصف الروسي على الجبهات وتراجع الاستعداد الأميركي للدعم المفتوح.