عربي وعالمي

رئيس بعمر 92 عامًا يترشح مجددًا في الكاميرون: هل يستطيع أحد إيقاف بول بيا؟

ابن الثاني والتسعين عاما يترشح مجددا لرئاسة الكاميرون

بينما تتجه أنظار الكاميرونيين نحو الانتخابات الرئاسية المقررة في أكتوبر، تعود الشخصية ذاتها التي حكمت البلاد لأكثر من أربعة عقود إلى واجهة المشهد: بول بيا، الذي يترشح مجددًا رغم بلوغه الثانية والتسعين.

في بلد يبلغ متوسط العمر فيه 63 عامًا، ويُقدّر متوسط أعمار مواطنيه بـ18 سنة، تطرح عودة الرئيس العجوز أسئلة وجودية حول الديمقراطية، والشرعية السياسية، وفرص التغيير في واحدة من أكثر الدول استقرارًا سياسيًا، وإن كان ذلك الاستقرار لا يخلو من القمع والتهميش والانقسامات العميقة.

مشهد انتخابي في شارع الكازينوهات: الاقتصاد يتحسن… لكن الفقر باقٍ

في مدينة دوالا التجارية، حيث تصطف الكازينوهات جنبًا إلى جنب، لا يُعبر المشهد الاقتصادي الظاهر عن واقع غالبية السكان. فبينما يُعد اقتصاد الكاميرون ثاني أفضل اقتصاد في وسط إفريقيا، يعيش نحو ثلث المواطنين على أقل من دولارين يوميًا، ويعمل 80% من السكان في القطاع غير الرسمي.

الشباب مثل أندريه وانجي (27 عامًا)، سائق دراجة نارية، يعبرون بوضوح عن انعدام الثقة في النظام: “توقفنا عن الاعتماد على الحكومة منذ سنوات”. كثيرون، مثله، لا يخططون حتى للمشاركة في الانتخابات.

ترشح مفاجئ لرئيس هرِم… ورسالة على “إكس”

في 13 يوليو، أعلن بول بيا رسميًا ترشحه لفترة سابعة، في خطوة تحدّت دعوات داخلية وخارجية للتنحي. وكتب على منصة “إكس”: “معًا، لا يوجد تحدٍ لا يمكننا تجاوزه… الأفضل لم يأتِ بعد”.

لكن لغة الخطاب الرسمي تتجاهل انخفاض نسب المشاركة باستمرار، حيث ارتفعت نسبة الامتناع عن التصويت من 19.6% في 1992 إلى 46.7% في انتخابات 2018.

شباب بلا أحلام… أو بأحلام مكسورة

بالنسبة للعديد من الشباب، يبدو التصويت مضيعة للوقت. سيرج، طالب جغرافيا في سنته الجامعية الأولى، كان يحلم بأن يصبح محاميًا، لكنه اختار التعليم بسبب غياب العلاقات والوساطات. يقول: “في الكاميرون، تحتاج إلى اسم والدك كي تجد وظيفة”.

أنصار بيا: التفويض إلهي والاستقرار أهم من التغيير

البعض يرى في بقاء بيا ضمانًا للاستقرار وسط منطقة تموج بالنزاعات. ويذهب البعض، مثل الكاتب أنطوان نكوا، إلى حد القول إن تفويض بيا “إلهي”، مستندًا إلى “رؤية صباحية” أقنعته بأن الرئيس سيفوز مجددًا.

لكن هذا الطرح يبدو كابوسًا لرجال دين مثل المطران بارتيليمي ياودا هورغو، الذي صرح مطلع العام: “كفى… على الرئيس أن يرحل”.

انشقاقات في قلب السلطة… لكن هل تكفي؟

في يونيو، استقال اثنان من حلفاء بيا التاريخيين – الوزيرين بيلو بوبا مايغاري وعيسى تشيروما – وأعلنا ترشحهما للرئاسة. خطوة اعتُبرت رمزًا لانفجار داخلي محتمل في حزب بيا الحاكم (CPDM). بالتوازي، رفع مستشار بلدي دعوى قضائية لإجبار الحزب على عقد مؤتمره الوطني المؤجل منذ 2011.

معارضة مشتتة… وصناديق قد لا تُفتح في بعض المناطق

رغم محاولات الحشد من قبل المجتمع المدني، يخشى كثيرون أن تكون الانتخابات محسومة سلفًا. فالمفوضية الانتخابية تضم أعضاء سابقين في الحزب الحاكم، وتخضع لإشراف وزير الداخلية بول أتانغا نجي، المعروف بولائه الشديد لبيا.

الانتخابات ستُجرى بعد أيام من ذكرى استقلال منطقة “أمبازونيا” الانفصالية. وفي انتخابات 2018، قُتل 7 أشخاص بينهم كاهن خلال احتجاجات في المدن الناطقة بالإنجليزية.

كامتو… خصم رئيسي تحت الحصار

زعيم حزب “حركة النهضة الكاميرونة” المعارض، موريس كامتو، يُعتبر أبرز منافس لبيا. لكن الدولة تقابله بالقيود؛ فبعد خطاب حاشد في باريس، وُضع رهن الإقامة الجبرية، واحتُجز عدد من أنصاره.

أما كاه والا، زعيمة “الحزب الشعبي الكاميروني”، فتعرض مكتبها لمحاصرة بالدبابات ومدافع المياه، ما دفع حزبها لمقاطعة الانتخابات.

هل يمكن أن تتكرر تجربة الغابون؟

بينما تتحدث المعارضة عن “تغيير حتمي”، يشير البعض إلى سيناريو مشابه لما جرى في الغابون عام 2023، عندما أدت نتائج الانتخابات إلى احتجاجات واسعة تلتها انقلاب عسكري. في الكاميرون، الكثيرون لا يستبعدون هذا المصير.

ويقول كريستوفر نكونغ، الأمين العام لحزب كامتو: “لقد انتهى وقت الحزب الحاكم… لكن اقتلاع ديكتاتور ليس مهمة ليوم واحد”.

الخلاصة: انتخابات الشكل… وواقع القمع والانقسام

رغم أن الكاميرون تستعد نظريًا لانتخابات رئاسية، فإن المراقبين يرون أن ما يجري هو إعادة إنتاج لنظام سياسي متمرس في فن التمديد والتهميش والتفريق بين الخصوم. بول بيا، الذي وصل إلى السلطة في 1982، لا يواجه فقط معارضة سياسية، بل أيضًا واقعًا شعبيًا يتوق للتغيير، لكنه مكبّل بمخاوف الأمن، وبآلة قمع محكمة.

وفي بلدٍ نصف سكانه شباب لا يؤمنون بالتصويت، ونصفه الآخر يعيش تحت خط الفقر، قد تكون الانتخابات مجرد عرض رمزي… في انتظار لحظة مصيرية، داخل الصناديق أو خارجها.

اقرأ أيضاً:

وزارة النقل: ضبط شخص أتلف جهاز تذاكر آلي وخلع ملابسه بمحطة المترو

يارا حمادة

يارا حمادة صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى