تصاعد الخطر: هل يقف ضعف الجيش الهندي عائقًا أمام ردع باكستان؟
التوتر مع باكستان يشتعل... والهند تواجه اختبارًا عسيرًا لقوتها العسكرية

مع تصاعد التوترات بين الهند وباكستان على خلفية الهجوم الإرهابي الدامي في كشمير، تواجه الحكومة الهندية اختبارًا مصيريًا لقدرة قواتها المسلحة على التعامل مع التحديات الإقليمية. فعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلت خلال السنوات الماضية لتحديث الجيش وضخ استثمارات ضخمة في قطاع الدفاع، لا تزال التساؤلات قائمة حول مدى استعداد الهند لخوض مواجهة عسكرية مباشرة من دون الكشف عن نقاط الضعف المتبقية في بنيتها العسكرية.
هذا الواقع المعقد يضع رئيس الوزراء ناريندرا مودي أمام معادلة صعبة: فهو من جهة يواجه ضغوطًا داخلية هائلة للرد بقوة على باكستان، ومن جهة أخرى عليه أن يوازن بين الرغبة في إظهار الحزم، والحذر من الدخول في تصعيد قد يفضح محدودية الإنجازات التي حققتها مساعي التحديث حتى الآن. وبينما يلوح شبح الحرب في الأفق، تزداد أهمية القرارات الاستراتيجية التي ستتخذها نيودلهي، وسط بيئة إقليمية ودولية تتسم بالتقلب والانشغال بأزمات أخرى.

تحديثات محدودة رغم استثمارات ضخمة
في عام 2019، أدت خسارة طائرة حربية هندية خلال مواجهة مع باكستان إلى إطلاق حملة تحديث عسكرية واسعة. ورغم إنفاق مليارات الدولارات وعقد شراكات دفاعية جديدة، ما تزال مؤشرات التقدم محدودة. وفقًا لشهادة برلمانية في 2023، فإن نسبة المعدات الحديثة بالكاد تضاعفت مقارنة بخمسة أعوام سابقة، بينما لا تزال أكثر من نصف المعدات تصنف ضمن فئة “العتاد القديم”، مما يلقي بظلال ثقيلة على جاهزية الجيش الهندي لأي تصعيد واسع.

خيارات محسوبة تحت وطأة الضغوط الداخلية
الهجوم الإرهابي الذي أودى بحياة عشرات السائحين في كشمير أثار موجة غضب عارمة في الداخل الهندي، ما دفع مودي إلى التعهد برد قوي. إلا أن الخبراء يرون أن القيود العسكرية قد تدفعه لاختيار عمليات محدودة، مثل ضربات جوية دقيقة أو غارات للقوات الخاصة على الحدود. هذا التوجه سيسمح بإرضاء الرأي العام دون المخاطرة بتصعيد قد يكشف نقاط ضعف الجيش أو يؤدي إلى ردود فعل باكستانية عنيفة.
الاستعداد لصراع متعدد الجبهات: التحدي الأكبر
في السنوات الأخيرة، أصبح التهديد الصيني أكثر إلحاحًا للهند مقارنة بالتهديد الباكستاني، خصوصًا بعد الاشتباك الدموي في الهيمالايا عام 2020. الهند تجد نفسها الآن مضطرة للتحضير لاحتمال صراع على جبهتين، وهو سيناريو يتطلب موارد هائلة وقدرة عالية على التوازن الاستراتيجي، في وقت لم تكتمل فيه بعد جهود تحديث الجيش.

عقبات أمام التحديث: البيروقراطية والجغرافيا السياسية
رغم النمو الاقتصادي الهائل الذي جعل الهند خامس أكبر اقتصاد في العالم، فإن إنفاقها العسكري لا يزال دون 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو رقم يعتبره الخبراء غير كافٍ. هذا إلى جانب معوقات أخرى، مثل البيروقراطية الثقيلة، صراعات النفوذ بين فروع القوات المسلحة، والاضطرابات في سلاسل الإمداد الناتجة عن الحرب في أوكرانيا، مما أثر على توريد الأسلحة من روسيا، المورد التقليدي للهند

إنجازات ملموسة ولكن بطيئة
رغم الصعوبات، أحرزت الهند تقدمًا ملحوظًا في بعض المجالات. فقد نشرت أنظمة الدفاع الجوي الروسية S-400، وأدخلت جميع مقاتلات رافال الفرنسية ضمن الخدمة، وتوسعت في إنتاج السفن الحربية محليًا. كما ازدادت وارداتها من الأسلحة من فرنسا والولايات المتحدة، مع تراجع الاعتماد النسبي على روسيا. غير أن الخبراء يحذرون من أن امتلاك الأنظمة الحديثة لا يكفي، بل يجب امتلاك الكفاءة اللازمة لتشغيلها بفعالية ميدانية.

خاتمة: حذر في وجه اختبار مصيري
بينما تتصاعد الضغوط الداخلية والدعوات للرد على باكستان، يدرك صانعو القرار في نيودلهي أن أي خطوة عسكرية كبيرة قد تعني اختبارًا مباشرًا لمصداقية قوتهم المسلحة أمام خصمين شرسين: باكستان والصين. وفي ظل المعوقات القائمة، يبقى الخيار الأكثر ترجيحًا هو التوازن الدقيق بين الردع الفعّال وتجنب الانجرار إلى نزاع شامل قد يكشف أن جهود التحديث، رغم ضخامتها، لا تزال في منتصف الطريق.