مارينا هايد|العدالة لاتجزا: إذا حوكم مغنو غلاستنبري ،فيجب محاكمة الجميع ـ أو لا أحد
مارينا هايد: العدالة لا تُجزَّأ في التعامل مع حرية التعبير

في تعليق ساخر لا يخلو من القلق الجاد، تسلّط الصحفية البريطانية مارينا هايد الضوء على أزمة متصاعدة في بريطانيا: موجة التحقيقات والاعتقالات بسبب التعبير عن آراء أو عبارات “سيئة” أو “بغيضة”، سواء في مهرجانات موسيقية أو تغريدات عابرة. وفي قلب النقاش، تتساءل هايد: هل أصبحنا دولة تسجن الناس بسبب ما يقولونه بدلًا مما يفعلونه؟
“سجون التعبير”: إلى أين نمضي؟
تقول هايد إن الأخبار عن فتح شرطة أفون وسومرست تحقيقات جنائية مع فرقتي Bob Vylan وKneecap بسبب هتافات “مسيئة” خلال عروضهما في مهرجان غلاستنبري، أعادتها إلى حقيقة مأساوية: “لدينا أزمة سجون حادة، وربما علينا بناء سجون جديدة، مخصصة لهؤلاء الذين يُلاحَقون قانونيًا بسبب أقوالهم لا أفعالهم.”
وتضيف بسخرية قاتمة:
“أعتقد أن بعض الدول الأخرى لديها مثل هذه السجون.. لكننا عادةً ما نعتبر هذه الدول قمعية. غريب، أليس كذلك؟ ربما نحن الآن نتحوّل إلى واحدة منها.”
“اذهبوا للسجن جميعًا.. أو دعوهم جميعًا”
تنتقل هايد إلى قضية لوسي كونولي، التي حُكم عليها بالسجن لمدة عامين وسبعة أشهر بسبب تغريدة بغيضة أعقبت جرائم قتل الأطفال في ساوثبورت، حيث كتبت تعليقًا عن طالبي اللجوء: “احرقوا فنادقهم، لا يهمني.” ورغم حذفها للتغريدة واعترافها في المحكمة، فإن العقوبة أثارت جدلاً واسعًا.
هايد ترى أن “الحماقة والبذاءة” لا يجب أن تُعاقب بالسجن، لكنها تُحذر من ازدواجية المعايير، قائلة:
“إذا سُجنت كونولي لتغريدة مقززة، فهل لن يُسجن Bob Vylan لهتافاتهم البغيضة أمام جمهور مهرجان كامل؟ هذه عدالة بطبقتين.”
وتابع:
“إما أن نعامل الجميع بنفس المعيار، أو ألا نسجن أحدًا بسبب الكلمات. لا أظن أن أيًا من هؤلاء – مهما كانت أقوالهم فظيعة – يستحق السجن. لكن التناقض في التطبيق سيحوّل النقاش إلى شيء أخطر بكثير: السجناء السياسيون.”
السلطة، الأخلاق، والنفاق السياسي
هايد تنتقد كذلك رئيس الوزراء كير ستارمر، الذي يُقال إنه “لا يرى في أي شيء سوى قضية قابلة للملاحقة القضائية”، بحكم ماضيه كمدير سابق للنيابة العامة. وتشير إلى أن استجابته لأعمال الشغب التي أعقبت جرائم ساوثبورت لم تكن سياسية بقدر ما كانت قانونية، إذ عمد إلى تسريع المحاكمات بدلًا من مواجهة جذور الأزمة.
وتذكر بسخرية أن وزير الداخلية في حكومة الظل، كريس فيلب، يريد الآن “محاكمة هيئة الإذاعة البريطانية” لأنها لم توقف البث المباشر خلال عرض Bob Vylan. وتضيف متهكمة: “ربما علينا إبقاء بعض الزنازين شاغرة للصحفيين أيضًا؟ طالما نحن في هذا الاتجاه.”
عالم مقسوم: سجناء الرأي ومجتمعات متنازعة
تحذّر هايد من تطبيع فكرة السجن بسبب التعبير، وتقول:
“كنا نعتقد أن التشريعات الخاصة بكبح الخطاب البغيض كانت خطوة متقدمة في المجتمعات المتحضرة، لكنني الآن أخشى أننا نغرق في طريق خطير، حيث يعتقد نصف المجتمع أن هذه الملاحقات سياسية، والنصف الآخر يرى العكس.”
وتختم بعبارة مقلقة:
“كنت أفضل أن أعيش في بلد لا يملك سجناء سياسيين إطلاقًا. الوصول إلى هذا ليس سهلًا، لكنه يبدأ بالتوقف عن السير في الاتجاه الخطأ.”