إشارة نذير في مضيق تايوان: بكين تدفع بسفينة إنزال هجومية قرب تايوان

بينما تزداد ملامح الانشغال الأميركي في عدة جبهات، لا سيما في الشرق الأوسط بعد التصعيد مع إيران، تتحرك الصين في صمت مدروس لتعزيز قبضتها العسكرية في مضيق تايوان. في خطوة رمزية واستراتيجية، دفعت بكين بسفينة إنزال من طراز Type 072A إلى المياه القريبة من شمال تايوان، في رسالة واضحة: التهيؤ للسيناريوهات القصوى قد بدأ فعلاً، وليس مجرد استعراض عضلات.
هذه السفينة ليست مجرد قطعة بحرية تقليدية، بل هي عنصر محوري في عقيدة الغزو البرمائي الصيني، وتكشف عن تصميم بكين على إعادة ترسيم قواعد الاشتباك في المنطقة. وإذا كانت تايوان تقرأ المشهد جيداً، فهي تدرك أن كل تحرك صيني بحري هو بمثابة اختبار للجاهزية الأميركية وحلفائها في المحيط الهادئ.
تبدّل موازين القوة في مضيق تايوان
منذ عقود، حافظت الولايات المتحدة على تفوق استراتيجي واضح في محيط تايوان، وهو ما شكّل رادعاً ضمنياً لأي مغامرة صينية. لكن الواقع تغيّر؛ فالصين نجحت خلال العقد الأخير في تقليص الفجوة العسكرية، خاصة على صعيد القدرات البحرية والجوية، وأصبح ميزان القوى يميل تدريجياً لصالح بكين في محيطها الحيوي.
Type 072A: حجر الأساس في سيناريو الغزو
سفينة الإنزال Type 072A صُممت خصيصاً لعمليات الإنزال البحري، وهي تمثل الجيل الأكثر تطوراً من سفن الإنزال الصينية. فهي قادرة على نقل الجنود والمركبات والدبابات إلى الشواطئ، وتُعد ركيزة في أي محاولة مستقبلية لغزو تايوان أو تأمين جزر متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي أو الشرقي.
اقرا ايضا
ما هي الأسباب الأساسية لإنشاء جهاز تنظيم اللوجستيات ؟ خاص
قدرات إنزال سريع ومركزي
تضم السفينة ممرات أمامية وخلفية ومهبطًا خلفياً لمروحيتين متوسطتي الحجم من طراز Z-8 أو Z-9، كما تحتوي على سطح ممتد للمركبات، ومنطقة مخصصة لإنزال مركبات الإنزال البرمائي الهوائي (مثل Type 726)، ما يجعلها قادرة على التحرك بسرعة ونقل القوة القتالية إلى مسرح العمليات في زمن قياسي.
قوة نارية دفاعية محدودة… لكن مدعومة
رغم امتلاكها لمدفعية دفاعية من طراز H/PJ-17 عيار 30 ملم، إلا أن السفينة تعتمد أساساً على الحماية الجوية والبحرية المرافقة لها في حال الدخول في عمليات قتالية مباشرة. وهذا يعكس العقيدة الصينية التي ترى في هذه السفن أدوات اختراق لا أدوات مواجهة مباشرة.
رسالة سياسية وعسكرية مزدوجة
دفع سفينة من هذا النوع إلى محيط تايوان ليس مجرد مناورة عسكرية، بل رسالة سياسية موجهة إلى واشنطن وتايبيه معاً: بكين مستعدة لخوض غمار العمليات البرمائية المعقدة إذا تطلب الأمر، ولن تتردد في اختبار الخطوط الحمراء الأميركية في ظل ما تراه “ضعفاً استراتيجياً مؤقتاً”.
العدد والجاهزية: 15 سفينة في الخدمة
حالياً، تمتلك البحرية الصينية 15 سفينة من طراز Type 072A موزعة على الأساطيل الشمالية والشرقية والجنوبية. هذا الانتشار يعكس نية بكين في امتلاك قدرة إسقاط قوة متعددة المحاور، تتيح لها تطويق خصمها أو تنفيذ عمليات إنزال متزامنة على عدة جبهات.
رؤية 2049: الهيمنة عبر التفوق البحري
في إطار خطة “الصين العظمى” بحلول عام 2049، تسعى بكين إلى امتلاك أسطول بحري قادر على الهيمنة الإقليمية والتحرك العالمي. وسفن الإنزال البرمائية من هذا النوع تمثل إحدى أدوات هذه الرؤية، عبر تأمين سيطرة ميدانية على الجزر والمضائق والنقاط الاستراتيجية في بحر الصين.
واشنطن بين الردع والاستنزاف
التحرك الصيني لا يأتي في فراغ، بل يختبر صبر واشنطن وقدرتها على الردع في أكثر من جبهة في آنٍ واحد. فبينما تنشغل الولايات المتحدة بملفات إيران وأوكرانيا، تحاول بكين اقتناص الفرصة لتثبيت وقائع ميدانية جديدة في محيط تايوان، دون أن تطلق رصاصة واحدة… حتى الآن.