من يستحق الدعم؟ بريطانيا الجديدة بين التقشف والعدالة الاجتماعية الغائبة
حكومة ستارمر تواجه اختبارًا أخلاقيًا: دعم الأطفال أم حسابات السياسة؟

مع كل تغيير في سياسات حكومة كير ستارمر حول إعانات الشتاء أو المخصصات الاجتماعية، تتضح أكثر فأكثر نظرة صناع القرار البريطانيين لمن يستحق الدعم. وفي هذا السياق، يبدو أن الطفل الجائع أو الشخص المعاق لا يعدو كونه رقمًا في جدول بيانات سياسي.
هل حكومة حزب العمال بصدد مراجعة تقليص الدعم؟
بعد تراجع جزئي من كير ستارمر عن قرار تقليص بدل وقود الشتاء، طُرحت تساؤلات حول ما إذا كانت الحكومة ستعيد النظر في قرارات تقشفية أخرى. وبعد إعلان توسيع الدعم للمتقاعدين، تزايدت التساؤلات بشأن مصير مخصصات ذوي الإعاقة، وحد الطفلين. ومع تحسن المؤشرات الاقتصادية، هل سيعيد ستارمر النظر؟
خطة مكافحة فقر الأطفال: الوعود تتأجل
الرد جاء غير مباشر: الاستراتيجية المنتظرة لمكافحة فقر الأطفال تأجلت، رغم الوعود بميزانية تصل إلى 750 مليون جنيه إسترليني. التنفيذ لن يبدأ قبل الخريف، ومصادر قريبة تقول إن مستشار ستارمر، مورغان ماكسويني، يرى أن إلغاء حد الطفلين لا يحقق مكسبًا سياسيًا يبرر كلفته.
المال موجود.. لكن لمن يُخصص؟
تراجع ستارمر عن خفض دعم وقود الشتاء واهتمامه بزيادة دعم المتقاعدين كشف أن العجز المالي لم يكن عائقًا حقيقيًا. فإذا توفرت الأموال لتدفئة كبار السن، فلماذا لا تُستخدم لإطعام الأطفال؟ هذا يثير تساؤلات حول دوافع القرارات: هل هي اقتصادية أم انتخابية؟
انقسام داخل “العمال”: صراع بين الرحمة والسياسة
وثيقة مسرّبة من أنجيلا راينر، نائبة رئيس الوزراء، اقترحت فرض ضرائب على الثروة بدلاً من تقليص الدعم الاجتماعي، مما أبرز انقسامًا داخل الحزب. الجناح اليساري يدعو لدعم الفئات الهشة، بينما الجناح اليميني، بقيادة وزيرة المالية رايتشل ريفز، يتمسك بالتقشف. هذا الخلاف يعكس الحقيقة المؤلمة: الفقر خيار سياسي.
السلطة كهدف لا وسيلة: غياب الرؤية
رغم أن حزب العمال لم يكمل عامًا في الحكم، إلا أن أدائه يوحي بأن الحفاظ على السلطة هو الغاية الأولى. مع تجريب سياسات تقشفية والتراجع الخجول عنها، يبدو أن الحكومة تركز على إدارة الأزمات لا تقديم رؤية حقيقية للتغيير.
سياسات بلا إنسانية: الأرقام تهيمن على القرار
أسلوب الحكم القائم على الجداول والبيانات الرقمية أفرغ السياسات من بعدها الإنساني. لم يعد الفقر مأساة، بل خانة في لوحة بيضاء استعدادًا لانتخابات 2029. حتى برامج ناجحة كـ”شور ستارت” لدعم الطفولة، ما زالت تُهمل بسبب عقليات محاسبية ضيقة.
تحيّز فج: المتقاعدون أولًا، والفئات الهشة أخيرًا
رغم أن دعم المتقاعدين مبرر نظرًا لانخفاض المعاشات، فإن الفجوة في التعاطي الإعلامي والسياسي بين هذه الفئة وذوي الإعاقة أو الأسر الفقيرة تشير لتحيز واضح. في حين تُحمى مخصصات كبار السن، يُشيد البعض بتقليص إعانات الفقراء، ولو أدى ذلك لإغراق 50 ألف طفل في الفقر.
الفقر ليس حتمية.. بل نتيجة قرارات مدروسة
قد لا يكون مفاجئًا أن حكومة عمالية تنحرف عن وعودها، لكن ما يدعو للأسف هو سرعة هذا الانحراف. بعد سنوات من صور الأطفال الجائعين، لا يزال هناك جدل حول ما إذا كانت الدولة يجب أن تقدم لهم المساعدة. هذا النقاش بحد ذاته يعكس خللًا أخلاقيًا.
الأطفال ينتظرون رأس مال سياسي لإنقاذهم
يُدفع نحو 100 طفل يوميًا تحت خط الفقر بسبب سياسة الحد الأقصى لطفلين، ومع تأجيل الاستراتيجية حتى الخريف، من المتوقع أن يعاني 20 ألف طفل آخر من الجوع بحلول عيد الميلاد. ومع ذلك، لا يبدو أن الحكومة ستتحرك إلا إذا كان هناك مقابل سياسي واضح.