عربي وعالمي

الملك تشارلز يحظى بتأييد الكنديين.. في مواجهة تهديد ترمب.

رغم عبثية الملكية في العصر الحديث، يجد الكنديون في رمزها حصناً نفسياً وسياسياً ضد اضطرابات جارهم الأقوى.

رغم ما قد يبدو عليه الأمر من عبث، فإن الكنديين ليسوا بعيدين عن حالة “الكسل الجمهوري” التي تصيب شعوب الملكيات الدستورية في لحظات الاستقرار السياسي. فالنظام الملكي، في جوهره مكلف ولا عقلاني، لماذا يجب أن يُمنح أي شخص سلطة أو مكانة فقط لأنه ولد في العائلة المناسبة؟ بل إن فكرة وجود “ملك لكندا” لدولة مستقلة، عضو في مجموعة السبع، يعيش في قارة أخرى، تبدو وكأنها أحد بقايا عصر قديم.

الملك كرمز في زمن التهديد:

في ظل تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة، ووسط تصرفات دونالد ترامب الذي عاد إلى السلطة مجدداً، بدأت كندا تنظر إلى الملك تشارلز ليس كشخص بعيد عن الواقع، بل كرمز للاستقرار والسيادة.
زيارة الملك الأخيرة إلى أوتاوا، حيث ألقى خطاب العرش في افتتاح البرلمان الكندي، ولم تكن مصادقة دبلوماسية. بل خطوة محسوبة، محمّلة برسائل داخلية وخارجية.

ترامب “الجديد “… وتهديد كندا

منذ عودته للبيت الأبيض، فرض ترامب تعريفاً جديداً للعلاقة مع كندا:
*بدأ بفرض رسوم جمركية مؤلمة على قطاع السيارات .
*مروراً بتلميحاته الجدية بتحويل كندا إلى “الولاية رقم 51”.
*ووصولاً إلى التهديد ب “القوة الاقتصادية” لدفع الكنديين نحو القبول بالأمر الواقع.

مارك كارني يواجه … والملك يدعم

هذه التطورات دفعت الناخبين الكنديين لمنح مارك كارني، السياسي والخبير الاقتصادي المعروف، فوزاً شبه كاسح؟ بعدما صرح بأن عهد التكامل العميق مع واشنطن قد انتهى. وكارني كان صريحاً: الولايات المتحدة لم تعد حليفاً يعتمد عليه، بل خطراً وجودياً يجب التعامل معه بحذر.

الملكية… الحصن الأخير للهوية الكندية؟

رغم الانقسام السياسي الداخلي، فإن الملكية تبقى رمزاً لا ينتمي لأي حزب. وحتى المحافظون الذين رفعوا شعارات ضد ترودو، خرجوا بأعلام كندا الصغيرة للترحيب بتشارلز، المشهد بدأ وكأن البلاد كلها تُعيد اكتشاف هويتها أمام تهديد خارجي شرس.
حتى خطاب العرش، المكتوب بالطبع من قبل الحكومة، حمل رسائل واضحة جاء فيه: “كندا تواجه لحظة مفصلية جديدة. الديمقراطية والتعددية وسيادة القانون وحرية الشعوب في تقرير مصيرها هي قيم يتمسك بها الكنديون”.

سلاح الرمزية… في وجه الغضب الترامبي

قد لا يأخد البعض تهديدات ترامب بجدية كاملة، لكن المؤكد انه خلخل موقع كندا في المشهد العالمي. مجرد وجود الملك بيننا يذكرنا بتحالفات وتاريخ لا يخضع لتغريدات رئيس أمريكي غاضب.
حتى ترامب نفسه، المعروف بإعجابه بالسلطوية والبهرجة. بدأ متأثراً بزيارة تشارلز ودعوته إلى عشاء رسمي، وصرع بعد تلقيه الدعوة: “الملك رجل رائع وجميل”
قد لا يدرك ترامب الفارق بين الملكية الدستورية والسلطة المطلقة. ولكنه بالتأكيد يدرك معنى الفخامة، والبروتوكول، والإطراء.

ملك غير منتخب… لحماية دولة ديمقراطية؟

قد يبدو الأمر غريباً: أن تحتاج دولة ديمقراطية مستقرة إلى ملك رمزي كي تحمي نفسها من جارها الديمقراطي الكبير، لكنها مفارقة العصر. وفي زمن اللاعقلانية، ربما لا بأس أن نُبقي صورة الملك على جوازات السفر، طالما أن ذلك يحمينا، ولو نفسياً من دونالد ترامب.

سولين غزيم

صحفية سورية متخصصة فى الفن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى