الاقتصاد

السيارات الكهربائية الرخيصة تصدم بكين: سباق الأسعار يكشف أعطاب الاقتصاد الصيني

حرب الأسعار تهدد استقرار الصناعة وتهدد بانهيار السوق

لطالما أثارت هيمنة الصين على سوق السيارات الكهربائية قلق دول كبرى تمتلك صناعات سيارات تقليدية، ما دفع تلك الحكومات للتحقيق في دعم بكين لهذا القطاع وفرض حواجز تجارية. لكن المفارقة أن القلق الآن يأتي من داخل الصين نفسها، بعد أن بلغ “سباق الأسعار نحو القاع” حداً يهدد بنية السوق واستقرار الصناعة.

خطوة BYD التي أثارت الزلزال

في 23 مايو، أعلنت شركة BYD، أكبر مصنّع سيارات كهربائية في الصين، عن خفض كبير في أسعار 22 طرازاً من سياراتها الكهربائية والهجينة، ليصل سعر طرازها الأرخص “سيجال” إلى 55,800 يوان فقط (ما يعادل 7700 دولار)، بعدما كانت قد طرحته عام 2023 بسعر 73,800 يوان. هذه الخطوة فاجأت السوق وأشعلت المزيد من المنافسة.

تحذيرات رسمية من سباق انتحاري

بعد أيام، حذرت وزارة الصناعة الصينية من مغبة استمرار هذا النهج، وصرحت لوكالة “شينخوا” الرسمية بأن “لا فائز في حرب الأسعار، بل لا مستقبل لها”، مشيرة إلى أن هذا النمط التنافسي يضر بالاستثمار في البحث والتطوير ويهدد السلامة العامة. صحيفة “الشعب”، الناطقة باسم الحزب الشيوعي، بدورها حذّرت من أن المنتجات الرخيصة وذات الجودة المتدنية تسيء إلى صورة “صُنع في الصين”.

نموذج اقتصادي مأزوم

يأتي هذا التوتر ضمن جهود أوسع تبذلها بكين لإصلاح الاقتصاد وتقليص الممارسات غير المنتجة بين الشركات والحكومات المحلية. لكن محللين، منهم روبن شينغ من “مورغان ستانلي”، يرون أن “النموذج القديم القائم على العرض لا يزال مهيمناً”، ما يضعف فرص التعافي المستدام.

مخاوف من انهيار على غرار قطاع العقارات

تسببت هذه الأزمة في تراجع أسهم BYD، وسط تخوفات من أن حرب الأسعار قد تؤدي لانهيار السوق. رئيس شركة “جريت وول موتور”، وي جيانجون، شبّه الوضع بانفجار فقاعة العقارات الصينية، محذراً من وجود “إيفرغراند” جديدة داخل صناعة السيارات. لكن مسؤولي BYD وصفوا هذه التصريحات بأنها “مبالغة ترويجية”.

كثافة إنتاجية خانقة

تضم السوق الصينية حالياً 115 علامة تجارية للسيارات الكهربائية، وفق شركة Jato Dynamics البحثية، لكن القليل منها يحقق أرباحاً أو يمتلك فرصاً حقيقية للبقاء. ويُعد الانخفاض المستمر في الأرباح ظاهرة ممتدة في قطاعات متعددة؛ ففي نهاية الربع الثالث من عام 2024، كانت ربع الشركات المدرجة في البورصة الصينية تعاني من خسائر، وهي نسبة مضاعفة مقارنة بخمسة أعوام مضت.

قدرة BYD على الصمود

رغم المنافسة المحمومة، تمتلك BYD أفضلية استراتيجية بفضل تكاملها العمودي، فهي تسيطر على سلاسل التوريد بدءاً من حقوق استخراج المعادن، وصولاً إلى صناعة البطاريات وحتى شحن السيارات عبر سفنها الخاصة. لكن الشركة ضغطت في نوفمبر الماضي على مورديها لخفض الأسعار بنسبة 10%، ما قد يهدد برفع البطالة وتقليص الإنفاق الاستهلاكي في وقت تسعى فيه الحكومة لتعزيز الطلب الداخلي المتراجع بسبب الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.

التصدير كحل للتخمة المحلية

مع ضيق السوق المحلي، تتطلع الشركات الصينية لزيادة صادراتها. BYD تخطط لأن تكون أكثر من نصف مبيعاتها موجهة للخارج بحلول 2030، لا سيما في أمريكا اللاتينية وأوروبا. ومن اللافت أن مبيعاتها في أوروبا تفوقت على مبيعات تيسلا في أبريل الماضي، رغم الرسوم الجمركية الأوروبية الإضافية.

نيرة احمد

نيرة أحمد صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى