جيل هش بسبب السلطة المفرطة.. كيف نُربي أطفالنا دون تدمير شخصيتهم؟
حوار خاص مع رودي نبيل – مؤسس جروب "معًا لغدٍ مشرق للتعليم" وأدمن "حوار مجتمعي تربوي"

في عالم مليء بالتحديات والاختيارات، قد يبدو من الطبيعي أن يحاول الأهل حماية أبنائهم من كل خطر أو خطأ، لكن متى تتحول هذه الحماية إلى قيد خانق يُضعف شخصية الطفل؟ وهل يمكن للسلطة الأبوية الزائدة أن تنتج أجيالاً غير قادرة على اتخاذ القرار أو حتى بناء علاقات ناجحة؟.
في هذا الحوار الخاص، توضح لنا رودي نبيل، مؤسس جروب “معًا لغدٍ مشرق للتعليم”، ومشرف جروب “حوار مجتمعي تربوي”، تأثير التربية السلطوية والحماية الزائدة على الأطفال والمراهقين، وما يترتب عليها من مشكلات تمتد أحيانًا حتى مرحلة الزواج.
لماذا تُنتج التربية السلطوية أطفالًا ضعفاء؟
تبدأ رودي حديثها بتشخيص واضح: “ببساطة، الحماية الزائدة تبني جوهر شخصية هشة، سهلة الكسر والانقياد، الطفل يصبح معتمدًا على من حوله بشكل كامل، يخاف يكتشف، يتكلم أو يعبر عن رأيه، لما الأهل يتحكموا في كل حاجة في حياته، بيتربى على إنه ما ياخدش خطوة من نفسه، وده بيمنعه من اكتساب مهارات الحياة الأساسية”.
هل تكسر السلطة الزائدة استقلالية الطفل؟
رودي: بالضبط، الطفل بيكبر مش عارف يقف على رجليه، وده بيخليه ضعيف قدام أي تحدي، لما الأهل يسيطروا على قراراته، بيكبتوا عنده القدرة على اتخاذ القرار، وده بينعكس عليه مستقبلًا في المراهقة، في الجامعة، وفي حياته الزوجية.
ماذا يحدث في مرحلة المراهقة؟
تقول رودي نبيل إن الخطر يتعمق المراهق اللي تربى على الحماية الزائدة بيواجه صعوبة كبيرة في الاستقلال، عنده تردد، وخوف من الخطأ، وسهل جدًا يتأثر بالصحاب أو يُستقطَب لأي اتجاه، لأنه مش متعود يكون عنده رأي واضح، ولا عنده ثقة في نفسه.
هل الخطر يقف عند الطفولة والمراهقة؟
رودي: لا، بالعكس، الخطر بيستمر ويتضخم. وده بيبان في أربع مراحل أساسية:
مرحلة الطفولة
- الطفل بيخاف من التجربة، وبالتالي ما بيكتسبش خبرات.
- بيتعلم السمع والطاعة من غير تفكير، فيفقد القدرة على التعبير.
- ما بيعرفش ياخد موقف أو يعبر عن رأيه.
بيتعلق بالأهل بشكل مرضي، وده بيؤثر عليه لاحقًا في كل مرحلة عمرية.
مرحلة المراهقة
- بيكون سهل التأثر بأي ضغط خارجي أو جماعة.
- بيهرب من المواجهة، وده بيخليه ضعيف اجتماعيًا وشخصيًا.
- بيدوّر دايمًا على شخص يعتمد عليه، فبيكون عرضة للتعلق العاطفي المرضي.
في المدرسة والجامعة
- بيكون خايف من تحمل المسؤولية، وبيفضل الهروب على القيادة.
- بيعاني من ضعف في المهارات الاجتماعية، ما بيعرفش يندمج.
- ممكن أصحابه يبعدوا عنه لأنه منطوي أو متردد.
- عنده توتر دائم من التقييم أو النقد، حتى لو كان بسيط.
في الزواج والعلاقات الأسرية
- ما بيعرفش ياخد قرارات داخل البيت.
- ممكن ينسحب وقت المشاكل بدل المواجهة.
- بيتقال عليه “ابن أمه” أو “بنت أبوها” لأنه دايمًا في حاجة لتوجيه خارجي.
- ما بيقدرش يدير بيته أو نفسه بشكل مستقل.
وما تأثير ذلك على المواقف اليومية البسيطة؟
توضح رودي”حتى في الحاجات البسيطة، زي طلب أكل من مطعم، الشخص بيكون مرتبك ومش عارف يختار، عنده تردد مزمن، وده بيخليه يضيع فرص، أول ما يسمع نقد، بينهار لأنه هش نفسيًا”.
هل من أمل في العلاج أو إعادة البناء؟
رودي: أكيد في أمل، لكن لازم نبدأ من الوعي، الأهل لازم يسيبوا للطفل مساحة يتعلم، حتى لو غلط، لأن الغلط بيعلم.
لازم نبني الثقة من جديد، واحدة واحدة، حسب كل مرحلة عمرية، ندي حرية مع رقابة.. بس من بعيد.
وتختم رودي نبيل حديثها قائلاً: “الحلول العملية للتربية المرنة والمتوازنة، ممكن نحكي عنها في حوار قادم بالتفصيل”.