الوكالات

بروكسل في مواجهة ترامب: قواعد قديمة لخصم لا يؤمن بالقواعد

تحذير من التكرار الأوروبي: اللعب البيروقراطي لا ينفع أمام تهديدات ترامب التجارية غير المتوقعة

 

في مقال تحليلي لاذع، يوضح ألان بيتي من فاينانشيال تايمز أن أوروبا — وتحديدًا بروكسل — ترتكب خطأً استراتيجيًا متكررًا: التعامل مع دونالد ترامب كما لو كان رئيسًا تقليديًا، يمكن التفاهم معه عبر آليات التفاوض المؤسسية والقانونية المعتادة. والنتيجة؟ صدمة أوروبية غير مبررة عندما يتصرف ترامب، مرة أخرى، على طريقته الخاصة — بتهديدات تجارية فجائية وغير متوقعة.

ردّ فعل متأخر على تهديدات ترامب

التهديد الأخير من ترامب بفرض تعريفات جمركية بنسبة 30% على صادرات الاتحاد الأوروبي كشف عن فجوة خطيرة في طريقة تعامل بروكسل مع الأزمات التجارية. في حين تحرّكت المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي بإنجاز سياسي مع إندونيسيا بعد 10 سنوات من المفاوضات، فإنها لا تزال تتخبط في استجابتها لترامب، الذي يرى الاتحاد الأوروبي — لا سيما مؤسساته المتعددة الأطراف — كعدو أيديولوجي، لا شريك تجاري.

اللعب بالشطرنج مع وحيد قرن غاضب

بيتي يصف محاولة التفاوض مع ترامب بأنها مثل “اللعب بالشطرنج مع وحيد قرن غاضب” — وصف يبدو الآن أكثر دقة من أي وقت مضى. فالمفوضية الأوروبية، بعقلانيتها وبيروقراطيتها الدقيقة، لا تفهم أن ترامب لا يتبع القواعد. هذه هي نفس الشخصية التي قوضت نظام التجارة العالمي في ولايته الأولى، والتي لن تتردد في استخدام التعريفات كأداة انتخابية أو كبطاقة مساومة سياسية.

اقرا ايضا :

المرشد الإيراني يحذر أمريكا بعد هجوم صاروخي على قاعدة أمريكية في قطر

الاعتماد الزائد على صناعة السيارات

التحليل يسلط الضوء أيضًا على خطأ استراتيجي آخر متكرر: الهوس الأوروبي — وخصوصًا الألماني — بصناعة السيارات. يقول بيتي إن “سياسة التجارة في الاتحاد الأوروبي تحددها ألمانيا، وألمانيا تحددها الصناعة، والصناعة تحددها فولكسفاغن”. هذا التركيز على حماية السيارات الألمانية يُشل قدرة الاتحاد على اتخاذ قرارات أكثر صلابة أو هجومية تجاه الولايات المتحدة، خشية الانتقام.

الفشل في الرد السريع

في الوقت الذي كانت فيه المفوضية تمتلك “حزمة ردود مضادة” جاهزة، اختارت تأجيلها لإفساح المجال للمفاوضات. هذه الخطوة، وفقًا لبيتي، قد تفسرها واشنطن — وترامب تحديدًا — على أنها ضعف، لا حكمة. في حين أن الانتقام المعتدل بعد الفشل الدبلوماسي قد يبدو “عقلانيًا” في بروكسل، إلا أن ذلك لا يهم ترامب، الذي لا يحترم سوى الرد السريع والحازم.

درّوس لم تُستوعب بعد

كما يذكّرنا بيتي بكيفية تعامل الاتحاد الأوروبي مع أزمات سابقة: ردّ متأخر ومربك على أزمة ديون منطقة اليورو عام 2010، وسوء إدارة أولى مراحل أزمة لقاحات كوفيد-19. نفس البيروقراطية الثقيلة والبطء المؤسسي يبدو أنهما يعرقلان الرد الأوروبي على تهديد ترامب الجديد.

الخلاصة: تهديد جديد، لكن بنفس العقلية القديمة

يرى بيتي أن بروكسل تستخدم “دليل اللعب التجاري القديم” في مواجهة خصم لا يلعب وفق القواعد — ولا حتى يؤمن بها. وبينما يستعد ترامب لاحتمال ولاية رئاسية ثانية، على الاتحاد الأوروبي أن يدرك أن التفاوض البطيء، والرد الحذر، والتعلق    بصناعة السيارات، لن تكون كافية هذه المرة.

فالمطلوب الآن ليس فقط تغيير في السياسة، بل تغيير في طريقة التفكير.

اقرا ايضا:

الوطنية تُعلن مواعيد انتخابات مجلس الشيوخ وتفتح باب الترشح رسميًا

 

الأء ياسين

صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى