الوكالات

الجارديان: مقترح ظريف بشأن اتفاق نووي إقليمي يعيد تشكيل معادلة الشرق الأوسط النووية

في خضم التصعيد المستمر بين إيران والغرب، وفي أعقاب الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على المنشآت النووية الإيرانية، خرج وزير الخارجية الإيراني السابق، محمد جواد ظريف، بمقترح لافت يدعو إلى إنشاء منتدى إقليمي جديد للتعاون النووي السلمي. المبادرة التي تقدم بها ظريف وسفير إيران الأسبق لدى بريطانيا محسن بهاروند، عبر مقال مشترك في صحيفة الغارديان، تمثل أحد أكثر العروض الإيرانية طموحًا لإعادة هيكلة النقاش النووي في المنطقة، بعيدًا عن المواجهة والصدام، باتجاه التعاون والمشاركة.

منتدى “منارة”: رؤية إيرانية لنزع السلاح النووي الإقليمي

يقترح ظريف تأسيس منتدى إقليمي جديد تحت مظلة الأمم المتحدة، باسم “شبكة الشرق الأوسط للبحث والتقدم الذري” (منارة)، يكون مفتوحًا أمام الدول التي تلتزم برفض تطوير أو نشر الأسلحة النووية، وتوافق على آليات تحقق متبادلة. في المقابل، ستستفيد الدول الأعضاء من تطبيقات التكنولوجيا النووية السلمية، في مجالات مثل إنتاج الطاقة، والطب، والزراعة، والبحث العلمي.

توقيت مقصود أم محاولة تشويش؟

يأتي هذا المقترح في توقيت بالغ الحساسية، بعد أن نفذت الولايات المتحدة وإسرائيل هجومًا جويًا استمر 12 يومًا في يونيو استهدف منشآت نووية إيرانية، مما أدى إلى تجميد المحادثات مع واشنطن. ومع ذلك، لا تزال طهران تتحاور مع الدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا، فرنسا، وألمانيا)، في ظل اقتراب انتهاء العمل بالاتفاق النووي المبرم عام 2015، والمقرر انقضاؤه في أكتوبر المقبل. الأوروبيون هددوا بإعادة فرض عقوبات دولية موسعة إذا لم تسمح إيران بعودة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

تهميش البرنامج الإسرائيلي غير المعلن

لا يمكن إغفال أن مقترح ظريف يسعى أيضًا – وإن ضمنيًا – إلى تسليط الضوء على البرنامج النووي الإسرائيلي غير المُعلن، والذي يشكل نقطة توتر دائمة في مناقشات نزع السلاح الإقليمي. وبينما يُتهم ظريف بمحاولة صرف الانتباه عن نوايا إيران المزعومة لتطوير أسلحة نووية، يرى آخرون أن المبادرة قد تمثل فرصة لتوحيد النقاش حول إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية تشمل الجميع.

إعادة تعريف النقاش النووي: من الخطر إلى التنمية

في مقاله، يسعى ظريف إلى كسر الصورة النمطية للنشاط النووي في الشرق الأوسط باعتباره تهديدًا، داعيًا إلى رؤية جديدة تعتبر العلوم النووية أداة لمواجهة تحديات كبرى مثل تغيّر المناخ، وشح المياه، والأمن الغذائي، وتحول الطاقة. ويقول: “لطالما تم اختزال النقاش النووي في المخاطر والتهديدات، لكن العلم النووي يقدم أيضًا حلولًا لمستقبل آمن ومستدام”.

معضلة تخصيب اليورانيوم… وإطار جديد للتفاوض

يرى مراقبون أن مبادرة “منارة” قد تفتح بابًا جديدًا للنقاش حول أكثر النقاط الخلافية حساسية في الملف الإيراني: تخصيب اليورانيوم. فقد طالبت إيران دومًا بالحق في التخصيب المحلي، وهو ما ترفضه الولايات المتحدة بشدة. ومن خلال تقديم إطار تعاوني يخضع للرقابة الدولية، قد تجد طهران مخرجًا دبلوماسيًا يحفظ ماء الوجه دون التنازل عن مطالبها الأساسية.

خلاصة: مبادرة جادة أم مناورة تفاوضية؟

سواء اعتُبرت مبادرة “منارة” محاولة صادقة لإعادة بناء الثقة والتعاون الإقليمي، أو مجرد مناورة ذكية لتحسين موقع إيران التفاوضي، فإنها تطرح إطارًا جديدًا جديرًا بالدراسة. ففي منطقة تموج بالتوترات، قد يكون التعاون في مجال الطاقة النووية السلمية مدخلًا غير تقليدي لحوار أوسع حول الأمن والاستقرار.

لكن نجاح هذه المبادرة مرهون بإرادة سياسية إقليمية ودولية تتجاوز الحسابات الضيقة، وتعترف بأن الأمن الجماعي يتطلب حلولًا جماعية – لا ضربات استباقية أو استقطاب متبادل.

اقرأ أيضاً:

78 ساعة على تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ 2025

يارا حمادة

يارا حمادة صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى