الوكالات

ترامب يعلن الحرب على علوم المناخ: تداعيات مذهلة تهدد البشرية

بينما تسجل الأرض ارتفاعًا قياسيًا في درجات الحرارة، وتتعاظم الكوارث المناخية عامًا بعد عام، اختار الرئيس الأميركي دونالد ترامب شنّ حرب مفتوحة على علوم المناخ. الخطط التي أعلنتها إدارته مؤخرًا لا تكتفي بتقليص التمويل، بل تدعو إلى تفكيك شامل للبنية العلمية المناخية الأمريكية، في خطوة وصفها علماء المناخ بأنها “انتكاسة خطيرة للبشرية جمعاء”، وليست مجرد قضية داخلية.

لأكثر من 67 عامًا، شكّلت محطة “ماونا لوا” في هاواي مرصدًا عالميًا فريدًا لتسجيل مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. هذا المرصد الذي أسسه العالم تشارلز كيلينغ – والذي سُميت منحنى الانبعاثات باسمه: “منحنى كيلينغ” – لعب دورًا محوريًا في فهم التراكم المتواصل للغازات الدفيئة الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري.

اليوم، هذا المرصد بات مهددًا بالإغلاق التام، ضمن مقترحات ميزانية 2026، التي تشمل القضاء على برامج علمية بأكملها في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA). وعلى رأسها، المكتب المسؤول عن أبحاث الغلاف الجوي، ما يهدد أطول سجل علمي متواصل لأهم متغير مناخي على الكوكب.

من قياس الظاهرة إلى إطلاق التحذيرات… ثم إطفاء الإنذار!

حين بدأ تشارلز كيلينغ قياس ثاني أكسيد الكربون في أواخر الخمسينيات، كان المستوى دون 320 جزءًا في المليون. اليوم، يتجاوز 430، ويزداد بوتيرة غير مسبوقة. هذا المنحنى لم يكن مجرد خط بياني، بل بوصلة علمية استرشد بها الباحثون وصناع القرار لعقود.

في عام 1965، وصل أول تقرير رسمي عن التغير المناخي إلى الرئيس الأمريكي آنذاك ليندون جونسون. ومنذ السبعينيات، أجمعت الدراسات الرائدة على أن انبعاثات الإنسان تقود الاحترار العالمي. والآن، وبعد أن أصبحت الكارثة قائمة، يأتي القرار السياسي بإسكات الجرس بدل إصلاح الخلل.

هجمة منسقة على البحث العلمي… من ناسا إلى الطاقة

مقترحات الميزانية لا تقتصر على NOAA، بل تشمل خفض التمويل عن مشاريع بحثية في وكالة ناسا، ووزارة الطاقة، ومؤسسة العلوم الوطنية (NSF). وتستهدف هذه الاقتطاعات المجالات التي تمثل عصب التنبؤ المناخي، مثل:

نماذج التوقعات الجوية والمناخية

رصد درجات حرارة المحيطات والتيارات البحرية

تتبع التغير في الغطاء النباتي والثلجي

مراقبة تراكم الغازات الدفيئة

ما يعني فعليًا تدمير شبكة الإنذار المبكر لكوكب يزداد اضطرابه.

مفارقة خطيرة: سياسة “الحفر، ثم الحفر” تحتاج بيانات لا إنكارًا

حتى لو افترضنا أن الإدارة الأمريكية قررت المضي قدمًا بسياسات توسعية في مجال الوقود الأحفوري – ما يُعرف بشعار ترامب “Drill, baby, drill” – فإن ذلك يتطلب بيانات أدق، لا تدمير البنية المعرفية. فصناع السياسات، والعسكريون، والمزارعون، ومهندسو المدن الساحلية، كلهم بحاجة إلى معلومات دقيقة للتعامل مع:

الفيضانات المتكررة

موجات الحر المتطرفة

حرائق الغابات

انكماش المحاصيل

ارتفاع مستوى البحار

ومع انسحاب الحكومة من هذا الدور، لن تتكفل الشركات الخاصة بهذا العبء المكلف طويل الأمد.

العالم خاسر… وأميركا ستدفع الثمن الأكبر

تشير الإحصائيات إلى أن خسائر العالم من الكوارث المناخية تقدر بأكثر من 220 مليار دولار سنويًا، بينما تفقد الاقتصادات ما يفوق 830 مليار دولار سنويًا بسبب انخفاض الإنتاجية الناتج عن موجات الحر. أي أن كلفة الجهل المناخي تفوق بمراحل كلفة البحث العلمي.

وإذا كانت بعض الدول ستستمر في إنتاج بياناتها الخاصة، فإن دور أميركا المحوري في النظام العلمي العالمي سيتآكل. وسيتحول أكبر اقتصاد في العالم إلى مستهلك للمعلومة، بدل أن يكون مُنتجًا لها.

خاتمة: سياسة الإنكار لا توقف العاصفة

منحنى كيلينغ سيظل يرتفع. والكوارث المناخية لن تتباطأ لأن التمويل العلمي تقلص. لكن التخلي عن البحث العلمي في هذه اللحظة المصيرية يُعد مقامرة سياسية واقتصادية وإنسانية. فبينما تحتاج البشرية إلى استثمارات أوسع في النماذج المناخية، ورصد الغلاف الجوي، وتطوير تقنيات التكيف، تختار إدارة ترامب كتم الصوت العلمي، وربما كسر البوصلة بالكامل.

العالم سيدفع الثمن… لكن أميركا أول من سيدفعه.

اقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي: خلافات حادة بين نتنياهو وزامير تصل إلى ذروتها

يارا حمادة

يارا حمادة صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى