تصاعد الخلافات بين القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل حول غزة

تتفاقم الأزمة داخل أروقة صنع القرار في إسرائيل مع اشتداد الخلاف بين حكومة بنيامين نتنياهو والقيادة العسكرية، خاصة بعد التصريحات الهجومية التي وجهها وزراء في الحكومة اليمينية المتطرفة ضد رئيس أركان الجيش، إيال زامير. يأتي هذا التوتر في ظل خطط نتنياهو المثيرة للجدل للسيطرة الكاملة على غزة، وهي خطوة تحذر المؤسسة العسكرية من أنها ستستنزف القوات بشكل خطير وتعرض حياة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس للخطر. هذه الأزمة الداخلية تكشف عن عمق الانقسام بين المستويين السياسي والعسكري في إدارة الحرب المستمرة منذ 22 شهرًا، والتي أدت إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة في القطاع.
هجوم سياسي على المؤسسة العسكرية
بلغت الانتقادات ذروتها حين دعا وزير الأمن القومي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، إلى إقالة زامير إذا لم يُعلن فورًا عن استبدال فريق مستشاريه الذي وصفه بـ”الخلية السياسية اليسارية”. هذا الهجوم العلني يعكس رغبة بعض الوزراء في إحكام السيطرة السياسية على القرارات العسكرية، في وقت يرى فيه الجيش أن السياسات المقترحة قد تقوض قدرته العملياتية وتزيد من المخاطر الميدانية. الاتهامات امتدت إلى حد التشكيك في ولاء المؤسسة العسكرية للخط السياسي للحكومة، ما ينذر بمزيد من الاستقطاب الداخلي.
تداعيات الخطة المقترحة لاحتلال غزة
الجدل المحتدم يتمحور حول أمر نتنياهو الأخير للجيش بالاستعداد لاقتحام مدينة غزة، في وقت يوصي فيه القادة العسكريون بتنفيذ عمليات محدودة النطاق لتجنب الإنهاك العملياتي وحماية ما تبقى من الرهائن. الجيش يخشى أن يؤدي تنفيذ خطة الاحتلال الكامل إلى تمدد القوات على نحو يضعف القدرة على إدارة الجبهات الأخرى، خاصة مع استمرار التوترات على الحدود الشمالية مع حزب الله. هذا الخلاف يعكس فجوة عميقة في تقييم المخاطر بين صناع القرار السياسيين والعسكريين.
تأثير الصراع على القرارات الداخلية في الجيش
الخلاف لم يتوقف عند الخطط العملياتية، بل امتد إلى التعيينات العسكرية، حيث اتهم وزير الدفاع، يوآف غالانت، زامير بتقديم ترشيحات ترقيات دون الالتزام بالإجراءات المتبعة، مما تسبب في “ضرر غير ضروري” على حد وصفه. هذه المواجهة على صعيد التعيينات تعكس محاولة واضحة لإعادة تشكيل هرم القيادة بما يتماشى مع توجهات الحكومة، وهو ما قد ينعكس سلبًا على استقلالية المؤسسة العسكرية وقدرتها على اتخاذ قرارات مهنية بحتة.
الانقسام منذ هجوم 7 أكتوبر
تعمقت هذه الهوة منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، الذي أسفر عن مقتل 1,200 شخص وخطف 250 رهينة، وفق الإحصاءات الإسرائيلية. الهجوم كشف عن إخفاقات استخباراتية وعسكرية غير مسبوقة، ما أدى إلى استقالة عدد من القادة، بينما رفض نتنياهو تحمل أي مسؤولية شخصية أو السماح بفتح تحقيق علني شامل. هذا الموقف أثار غضبًا واسعًا في الشارع الإسرائيلي وأضعف الثقة بين القيادة السياسية والمؤسسة العسكرية، مما جعل أي خلاف لاحق أكثر حدة وتأثيرًا.
اقرأ أيضاً:
صناعة الطائرات بدون طيار الروسية تتسارع رغم العقوبات الدولية