الحكومة اللبنانية تناقش نزع سلاح حزب الله وسط انسحاب وزراء الثنائي الشيعي

عقدت الحكومة اللبنانية، يوم الجمعة، جلسة استثنائية برئاسة رئيس الحكومة جوزيف عون، خُصصت لمناقشة خطة لنزع السلاح غير الشرعي، بما في ذلك سلاح حزب الله، في خطوة غير مسبوقة منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية. وقد شهدت الجلسة توترًا سياسيًا لافتًا تمثّل في انسحاب الوزراء المحسوبين على “الثنائي الشيعي”، أي حزب الله وحركة أمل، بالإضافة إلى وزير مستقل.
انسحاب وزراء “الثنائي الشيعي” ووزير مستقل
وبحسب مصادر وزارية، انسحب من الجلسة كل من وزير المالية ياسين جابر ووزيرة البيئة تمارا الزين (من حركة أمل)، ووزير الصحة ركان النصر الدين ووزير العمل محمد حيدر (من حزب الله)، إلى جانب وزير التنمية الإدارية فادي مكي، وهو وزير محسوب على التيار المستقل، لكنه يُعد قريبًا من أجواء فريق 8 آذار.
الانسحاب جاء احتجاجًا على إدراج بند “نزع سلاح حزب الله” ضمن خطة متكاملة تقدم بها قائد الجيش اللبناني، رودولف هيكل، والذي حضر الجلسة لتقديم العرض التقني والأمني حول آلية تنفيذ الخطة ميدانيًا.
خطة عسكرية لحصر السلاح بيد الدولة
خلال الجلسة، عرض قائد الجيش خطته الرامية إلى “حصر السلاح في يد الجيش اللبناني فقط”، وتشمل الخطة وضع جدول زمني لنزع السلاح من كافة المجموعات غير الشرعية، دون استثناء، مع التشديد على المناطق التي تنتشر فيها قوات حزب الله.
وتضمنت الخطة اقتراحًا بإنشاء لجنة وطنية إشرافية، تُعنى بمتابعة تنفيذ الخطة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية، وتكون تحت إشراف مجلس الوزراء، في محاولة لتفادي أي صدام مباشر مع قوى سياسية مؤثرة.
توتر سياسي يهدد بتفجير الحكومة
الانسحاب الجماعي للوزراء الشيعة الخمسة من أصل 24 وزيرًا، أعاد إلى الأذهان سيناريوهات الانقسام السياسي الحاد في البلاد، خصوصًا في ظل ظروف اقتصادية وأمنية معقدة.
مصادر مقربة من الثنائي الشيعي اعتبرت أن طرح هذا الملف “يمثل استفزازًا سياسيًا في توقيت بالغ الحساسية”، معتبرين أن السلاح “هو جزء من معادلة الردع الوطنية”، بحسب تعبيرهم.
في المقابل، أكد مقربون من رئيس الحكومة أن “الخطة جاءت بناءً على إجماع دولي واضح بأن لا استقرار في لبنان دون سيادة الدولة على أراضيها وسلاحها”.
ردود فعل دولية ومحلية
وفي أول تعليق غير رسمي، عبّرت مصادر دبلوماسية أوروبية في بيروت عن “دعمها لأي خطة تعزز سيادة الدولة اللبنانية”، لكنها دعت إلى “الواقعية السياسية” في التعامل مع ملف بحجم ودقة نزع سلاح حزب الله، الذي له امتداد إقليمي واسع.
محليًا، أيدت بعض القوى السياسية، وعلى رأسها حزب الكتائب اللبنانية والقوات اللبنانية، الخطوة، معتبرين أنها “اختبار حقيقي لنية الحكومة في استعادة القرار السيادي”، بينما حذرت أطراف أخرى من “زج الجيش في مواجهة سياسية لا قدرة له على تحملها”.
مستقبل الحكومة في مهب التجاذبات
يبقى مصير الحكومة اللبنانية غامضًا بعد هذا التصعيد. فبينما يؤكد رئيس الحكومة عزمه المضي قدمًا في تنفيذ الخطة بدعم من جهات دولية، يرى مراقبون أن الانقسام الطائفي والسياسي العميق قد ينسف الاستقرار الحكومي الهش، ما لم يتم إيجاد تسوية تُراعي موازين القوى المحلية والإقليمية المعقدة.