خاص| كيف تعيد السردية الوطنية مكانة الصناعة في مصر؟

أكد الدكتور رمزي الجرم، الخبير الاقتصادي والمصرفي، أن الدولة المصرية بذلت جهودًا كبيرة خلال العقد الأخير لتحقق نقلة نوعية غير مسبوقة في القطاع الصناعي، وقد ركزت هذه الجهود على توطين المزيد من الصناعات المحلية التي تنتج بدائل للواردات بهدف تحسين إدارة الموارد المحدودة من النقد الأجنبي، وسط التوترات الجيوسياسية والنزاعات المسلحة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وأجزاء مختلفة من العالم، واعترافًا منها بأهمية الصناعة كقاطرة للنمو المستدام لأي اقتصاد، أطلقت الدولة استراتيجية وطنية للصناعة، ترافقها إنشاء المدن والمجمعات الصناعية التي تُعزز الإنتاج وتوفر بيئة متكاملة لرفع كفاءة الإنتاج وتحقيق الجودة وفقًا للمعايير الدولية.
الدولة تبنت مبادرات لنقل التكنولوجيا
كما أوضح «الجرم» في تصريحات خاصة لـ ” العالم في دقائق” أن الدولة تبنت مبادرات لنقل التكنولوجيا وتوطين الصناعات الحديثة، فضلاً عن تعزيز التنافسية من خلال دعم المنتجات المحلية التي تتوافق مع المعايير العالمية البيئية، جاءت هذه الخطوات استعدادًا لمراحل تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون التي ستطلقها دول الاتحاد الأوروبي في عام 2026، ما يتيح فرصًا جديدة أمام الصادرات المصرية ويدعم حصتها في السوق الدولية، مع تقليل الاعتماد على الواردات وتحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من المنتجات.
وفقًا لتقارير المركز الإعلامي لمجلس الوزراء الصادرة في فبراير الماضي، تقدمت مصر 11 مركزًا في مؤشر تنوع الصناعات المحلية الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، حيث احتلت المركز 34 في العام الماضي مقارنة بالمركز 45 في 2021. كما أبرز التقرير نموًا ملحوظًا في القطاع الصناعي بمعدلات مرتفعة نسبيًا، مما يعزز مكانة مصر كفاعل رئيسي في المشهد الصناعي الإقليمي.
وأشار التقرير إلى تحقيق نمو ملحوظ في قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية، مسجلًا 7.1% خلال الربع الأول من العام المالي (2024/2025) مقارنة بـ1.2% لنفس الفترة من (2013/2014). كما ارتفعت الصادرات الصناعية بنسبة 73.8% لتسجل 32.5 مليار دولار في العام المالي (2023/2024) مقابل 18.7 مليار دولار في (2013/2014).
وأضح أنه إضافةً إلى ذلك، زاد عدد المناطق الصناعية بنسبة 21.5% ليصل إلى 147 منطقة صناعية بحلول 2024 مقارنة بـ121 منطقة في 2014، بينما تضاعفت قيمة الاستثمارات العامة المنفذة في الصناعات التحويلية غير البترولية بنسبة 205.8%، لتبلغ 15.9 مليار جنيه خلال (2023/2024) مقابل 5.2 مليار جنيه في (2013/2014)، وتأتي هذه التطورات مع توقعات بزيادة مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 20% بحلول 2030 مقارنة بـ14% حاليًا، مدعومة بإطلاق خطة عاجلة للنهوض بالقطاع الصناعي تعتمد على سبعة محاور رئيسية.
استراتيجية الصناعة الوطنية لعام 2030
وتابع، أن استراتيجية الصناعة الوطنية لعام 2030 أحد أبرز الجهود المبذولة لتعزيز توطين الصناعة الوطنية، تضمنت هذه الاستراتيجية تقديم الحوافز المالية للمستثمرين وإنشاء مدن ومناطق صناعية متخصصة مثل مدينة الجلود بالروبيكي ومدينة الأدوية “جيبتو فارما”، كما شملت دعم تدريب العمالة الوطنية وتوطين التكنولوجيا لتعزيز المكون المحلي في صناعات حيوية كصناعة السيارات الكهربائية، بغرض تقليل الاعتماد على الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي، مع التركيز على التنافسية العالمية.
مبادرات تمويلية لدعم المستثمرين الصناعيين
إلى جانب ذلك، أطلقت الدولة مبادرات تمويلية لدعم المستثمرين الصناعيين، ما يتيح لهم شراء المعدات وخطوط الإنتاج بأسعار فائدة منخفضة نسبيًا في ظل ارتفاع أسعار الفائدة الحالية التي تهدف إلى مكافحة التضخم، كما تم تقديم حوافز إضافية للعمل على رفع القيمة المضافة المحلية وتطوير أنشطة صناعية مبتكرة، بالإضافة إلى تسهيلات لسداد مديونيات الغاز خاصًة للمستثمرين عبر مبادرات من وزارة البترول، ولا تقتصر الجهود على المساعدات المادية فقط، بل تمتد أيضًا إلى إنشاء بنية تحتية صناعية متكاملة تسهم بشكل فعال في تعزيز قدرة الصناعة المصرية على التطور ومواكبة المتطلبات العالمية.