بين العبثية والواقعية.. "سيكو سيكو" يضع الكوميديا في اختبار جديد
رسائل مخفية في عنوان غريب.. لماذا "سيكو سيكو"؟

حقق فيلم “سيكو سيكو” بطولة عصام عمر وطه دسوقي، نجاحًا جماهيريًا ملحوظًا منذ طرحه بدور العرض، حيث توافد الجمهور بكثافة على مشاهدته، ما أثار جدلًا واسعًا حول مضمون الفيلم وتفسيره، خاصة في ظل عنوانه الغريب وأحداثه الكوميدية الساخرة.
الفيلم، الذي ينتمي إلى نوعية الأعمال الكوميدية الاجتماعية، يدور حول صديقين هما “سليم” و”يحيى”، يواجهان سلسلة من المواقف غير المتوقعة بعد حصولهما على ميراث ضخم يقلب حياتهما رأسًا على عقب. وعلى الرغم من الطابع الكوميدي الذي يغلب على المشاهد، إلا أن العمل يعكس في مضمونه أزمات واقعية يعيشها كثير من الشباب المصري، بداية من البطالة والاغتراب، وصولًا إلى صراع القيم بين التمرد والانضباط.
اسم الفيلم.. مفتاح للتأويل
اسم الفيلم “سيكو سيكو” بدا للكثيرين غريبًا ومثيرًا للتساؤلات، لكنه يحمل دلالات رمزية عميقة. فالتكرار الصوتي في العنوان يعكس دوامة من الأحداث المتكررة، وهو ما يظهر بوضوح في حبكة الفيلم التي تدور في دائرة من المفارقات الساخرة التي لا تنتهي. ويبدو أن المخرج اختار الاسم ليعبّر عن عبثية الواقع الذي يعيشه الشباب، حيث تتكرر الأزمات وتتشابه الفرص والتحديات.
ثنائية الأبطال.. صراع نفسي واجتماعي
يقدم الفيلم ثنائية مميزة بين البطلين: “سليم” الذي يمثل الشخصية المنطلقة المتمردة، و”يحيى” الذي يجسد الجانب الهادئ الملتزم. هذا التناقض بين الشخصيتين لا يقدم فقط توازنًا دراميًا، بل يعبّر عن الصراع الداخلي الذي يعانيه الشباب بين طموحاتهم الفردية والواقع المفروض عليهم من المجتمع.
كوميديا الموقف.. أداة للنقد وليس للهروب
اعتمد الفيلم على كوميديا الموقف بشكل ذكي، حيث جاءت الضحكات مصحوبة بنقد اجتماعي غير مباشر، فكل مشهد ساخر كان يحمل في طياته رسالة حول خلل ما في منظومة القيم أو الواقع،من البيروقراطية، إلى العلاقات الاجتماعية، إلى ضياع الهوية، كل ذلك قُدّم بخفة ظل دون وعظ مباشر أو افتعال.
رسائل رمزية وبصرية
لم يقتصر العمل على السرد اللفظي فقط، بل لعبت الصورة دورًا كبيرًا في إيصال الرسائل. فالألوان الزاهية والسيولة في حركة الكاميرا عكست روح العبث والارتباك، بينما الموسيقى التصويرية جاءت مناسبة للإيقاع السريع، وإن كانت تفتقر أحيانًا إلى العمق في المشاهد الجادة.
نهاية مفتوحة ورسالة ضمنية
انتهى الفيلم برسالة عن أهمية التقبل والمرونة في التعامل مع الحياة، فالصديقان ورغم كل ما مرا به، قررا أن يُكملا طريقهما سويًا، في إشارة إلى أهمية التوازن في مواجهة ضغوط الواقع. وهذه النهاية جاءت لتؤكد أن الكوميديا، وإن بدت هزلية، يمكن أن تحمل بين طياتها دروسًا عميقة.