الرئيس السيسي يشيد بالإمام السيوطي: قدوة خالدة في العلم والعمل
السيوطي نموذج ملهم للأئمة والعلماء في العصر الحديث

سلّط الرئيس عبد الفتاح السيسي الضوء على شخصية الإمام جلال الدين السيوطي، معتبرًا إياه قدوة حقيقية في الاجتهاد، والإخلاص، وغزارة الإنتاج العلمي. جاء ذلك خلال كلمته في فعالية تخرج الدورة الثانية من أئمة وزارة الأوقاف بالأكاديمية العسكرية، حيث شدد الرئيس على أهمية استلهام شخصية السيوطي في مواجهة التحديات الفكرية والدعوية الراهنة وذلك في واحدة من أبرز الإشادات الرسمية بسيرة أحد أعلام الفكر الإسلامي
وأكد السيسي أن الإمام السيوطي يمثل تجسيدًا حقيقيًا للعالم الموسوعي الذي نذر حياته لخدمة الدين والعلم، حيث ألّف ما يزيد عن 1160 مؤلفًا، رغم أن عمره لم يتجاوز 62 عامًا، في إنجاز نادر في تاريخ الحضارة الإسلامية.
كلمات الرئيس السيسي عن الإمام السيوطي: “مثال يُحتذى به في الإخلاص والتفاني”
قال الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطابه:
“الإمام السيوطي ألّف أكثر من ألف كتاب، وهذا يدل على الإخلاص والاجتهاد الحقيقي في العمل… نحن نحتاج لمثل هذه النماذج، نحتاج أن نرى القدوة في الفعل والسلوك وليس فقط في القول.”
وأضاف: “السيوطي عاش عمرًا قصيرًا مقارنة بإنجازه، لكنه ترك أثرًا لا يُمحى في التاريخ العلمي والديني، ويجب أن نُعلم الأجيال الجديدة معنى هذا العطاء.”
هذه الإشادة الرئاسية تمثل دعوة واضحة إلى العودة للنماذج الأصيلة في الفكر الإسلامي، وفي مقدمتها الإمام السيوطي، الذي لم يكن مجرد عالم تقليدي، بل مثالًا يُحتذى به في العمل الجاد والتفاني في خدمة العلم والدين.
من هو السيوطي الذي أشاد به السيسي
ولد جلال الدين السيوطي في 849 هـ / 1445 م، وتربى في كنف علماء عصره الذين كانوا على صلة وثيقة بوالده، ما شكّل بيئة خصبة لنموه العلمي المبكر.
وقد بدأ مسيرته العلمية بجدية لافتة، فألّف أولى رسائله العلمية وهو في سن 17 عامًا فقط، حيث كتب شرحًا في الاستعاذة والبسملة، نال به إعجاب كبار العلماء وفي مقدمتهم شيخه علم الدين البلقيني.
أبرز فتاوى السيوطي ومواقفه الفقهية
فتواه بجواز تقليد المذاهب الأربعة: أكد السيوطي أن العامي يجوز له تقليد أي مذهب من المذاهب الأربعة المعتبرة، محذرًا من التمذهب التعصبي.
الرد على أهل البدع والغلو: ألف كتبًا كثيرة في الدفاع عن عقيدة أهل السنة، أشهرها: “الألفية في الرد على الرافضة”، و*”الأشباه والنظائر في العقيدة”*.
جواز التوسل بالأولياء: أجاز السيوطي التوسل بالأولياء والصالحين، بشرط أن يكون على وجه الاستشفاع، لا العبادة، وكتب في ذلك “القول الجلي في التوسل بالنبي”.
فتواه في المولد النبوي: أفتى بجواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، إذا خلا من المنكرات، وعدّه وسيلة للتذكير بسيرة النبي وتعظيمه.
التيسير في الأحكام: كان يميل إلى الفتاوى التي ترفع الحرج وتيسّر على الناس، وخاصة في مسائل الطهارة، والعبادات، والمعاملات.
السيوطي.. بين الأصالة والتجديد
إن فكر الإمام السيوطي يمثل توازنًا دقيقًا بين أصالة النصوص الشرعية وروح التجديد، حيث حافظ على القواعد الفقهية الموروثة، دون أن يُغلق باب الاجتهاد. وقد ترك لنا تراثًا زاخرًا يشهد على سعة علمه، واستقلال فكره، واعتدال منهجه، ليبقى واحدًا من أهم الأعلام الذين أنجبتهم الحضارة الإسلامية.
السيوطي كما يراه الرئيس.. مشروع حضاري متكامل
حديث الرئيس السيسي عن الإمام السيوطي لم يكن مجرد إشادة عابرة، بل يحمل رسالة عميقة للأئمة والدعاة، مفادها أن التأثير الحقيقي لا يأتي بالخطابة فقط، بل بالفعل والعمل والعلم الراسخ. والسيوطي مثال ناصع للعالم العامل، الذي جمع بين غزارة الإنتاج، والتنوع، والإخلاص، وهو ما تحتاجه الأمة اليوم أكثر من أي وقت مضى.