المدونةعربي وعالمي

محكمة أمريكية تلغي رسوم ترامب الجمركية وتقيّد صلاحياته الاقتصادية الرئاسية

الحكم القضائي يعتبر إجراءات ترامب تجاوزاً للقانون ويثير ارتياحاً في الأسواق العالمية

 

في تطور قضائي لافت، أصدرت محكمة التجارة الدولية في نيويورك حكمًا يقضي بأن الإجراءات الجمركية الواسعة التي اعتمدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنتهك القانون، وهو ما يُعد ضربة قانونية قوية لنهجه التجاري المثير للجدل. وقد جاء هذا الحكم بعد سلسلة من الدعاوى القضائية التي اتهمت ترامب بتجاوز صلاحياته الدستورية واستخدام التجارة كأداة بيد السلطة التنفيذية، دون رقابة من الكونغرس.

حكم يهز دعائم سياسة ترامب الاقتصادية

قضت هيئة من ثلاثة قضاة بأن ترامب تجاوز السلطات المخولة له عندما فرض رسوماً جمركية استناداً إلى قانون الطوارئ الاقتصادية. وجاء في منطوق الحكم أن “الأوامر الجمركية خرجت عن نطاق الصلاحيات التي يمنحها القانون للرئيس”. لم يتطرق القرار إلى فعالية هذه السياسات، بل ركّز على مخالفتها للقانون.

تجاوز الكونغرس يقابل برد قضائي حازم

في حين تشترط القوانين أن تخضع سياسات الرسوم الجمركية لموافقة الكونغرس، قامت إدارة ترامب بالالتفاف على هذا الشرط من خلال إعلان “حالة طوارئ اقتصادية” بسبب العجز التجاري. غير أن المحكمة رفضت هذا التبرير، معتبرة أن استخدام قانون الطوارئ في هذا السياق يُعد مخالفة قانونية.

 الأسواق المالية ترحب بالحكم والدولار ينتعش

عقب صدور القرار، شهدت الأسواق العالمية حالة من الارتياح، إذ ارتفع الدولار مقابل اليورو والين والفرنك السويسري. كما سجلت مؤشرات البورصات الأوروبية ارتفاعاً ملحوظًا، بما في ذلك مؤشر داكس الألماني وكاك الفرنسي. وتعكس هذه الارتفاعات تفاؤلاً بخفض احتمالات التصعيد في الحروب التجارية.

 البيت الأبيض يرفض القرار ويعلن الاستئناف

أعرب البيت الأبيض عن رفضه التام للحكم القضائي، حيث صرّح المتحدث الرسمي كوش ديساي بأن “قضاة غير منتخبين لا يملكون تقرير كيفية التعامل مع الطوارئ الوطنية”. كما أعلنت الإدارة عن نيتها استئناف الحكم أمام محكمة الاستئناف الفيدرالية، وربما لاحقاً أمام المحكمة العليا.

ضربة لجوهر حملة ترامب الاقتصادية

كانت الرسوم الجمركية من أبرز نقاط برنامج ترامب الاقتصادي، بهدف تقليص العجز التجاري الذي يناهز 1.2 تريليون دولار، واستعادة الوظائف الصناعية للولايات المتحدة. إلا أن هذا الحكم يضع عراقيل أمام تنفيذ هذه السياسات، ويعيد الأمور إلى المسارات التقليدية البيروقراطية.

 القضاء: العجز التجاري لا يشكل “طوارئ وطنية”

من أبرز النقاط التي تناولها القضاء هو رفضه اعتبار العجز التجاري الممتد منذ 49 عاماً بمثابة تهديد “استثنائي وغير عادي”، كما يتطلب قانون الطوارئ. وبهذا، يؤسس الحكم لسابقة قانونية تحد من قدرة الرؤساء على استخدام الطوارئ ذريعة لفرض سياسات جمركية.

ترامب يلوذ بالصمت ويتوجه لقضايا أخرى

حتى لحظة صدور الحكم، لم يدلِ ترامب بأي تعليق على منصته “تروث سوشيال”، واختار بدلاً من ذلك التركيز على قضية أخرى تتعلق بجوائز بوليتزر. هذا الصمت يعكس على الأرجح حجم الإحراج السياسي الذي سببته هذه الهزيمة القضائية.

 من دعاوى فردية إلى ولايات أمريكية

جاء الحكم استجابة لدعويين قضائيتين: الأولى تقدمت بها شركات صغيرة متضررة، من ضمنها شركة لاستيراد النبيذ تدعى VOS Selections. أما الثانية، فقد رفعتها 12 ولاية بقيادة ولاية أوريغون، التي شدد مدعيها العام على أن احترام القانون يتطلب كبح أي تجاوز للسلطة التنفيذية.

الرسوم الأخرى مستمرة والنقاش القانوني لم ينتهِ

رغم أن الحكم أبطل الرسوم المستندة إلى قانون الطوارئ، إلا أنه لم يشمل تلك المفروضة عبر قوانين أخرى، مثل الرسوم على الصلب والسيارات، ما يعني استمرار تطبيقها مؤقتاً. ووفقًا لمحللي “غولدمان ساكس”، فإن ترامب قد يسعى لاستخدام مسارات قانونية بديلة لفرض رسوم جديدة، لكن ذلك سيواجه تدقيقًا قضائيًا صارمًا وقد يستغرق وقتًا طويلاً.

 

علياء حسن

علياء حسن صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى