أزمة مياه 2025 تهدد الزراعة في الدلتا والصعيد.. والري تبحث عن حلول
نقص المياه يهدد محصول القمح والذرة.. والفلاحون يناشدون الحكومة بإنقاذ الزراعة قبل فوات الأوان

في عام 2025، أصبحت أزمة المياه في مصر حديث الساعة، حيث تعاني محافظات الدلتا والصعيد من نقص شديد في الموارد المائية، مما أثر بشكل كبير على الزراعة، خاصة في ظل التغيرات المناخية وزيادة الطلب على المياه.
وبينما تؤكد الحكومة سعيها لترشيد الموارد، يواجه الفلاحون صعوبة متزايدة في ري الأراضي، وبدأت بعض المحاصيل في الذبول قبل الأوان.
تصريحات وزارة الري.. ترشيد إلزامي
أكدت وزارة الموارد المائية والري، في بيان رسمي صدر مطلع يوليو 2025، أن الدولة تعمل على تنفيذ خطط لترشيد استهلاك المياه، خاصة في القطاع الزراعي الذي يستهلك أكثر من 80% من الموارد المائية المتاحة.
وقالت الوزارة: “نحن نواجه تحديًا حقيقيًا في إدارة الموارد المائية، ونعتمد بشكل كبير على نهر النيل الذي تأثر تدفقه في السنوات الأخيرة، مما يستدعي إجراءات صارمة لترشيد المياه، خاصة مع الزيادة السكانية والتغيرات المناخية”.
وأشارت الوزارة إلى استمرار حملات التوعية لتشجيع استخدام أساليب الري الحديثة، وتقليل الفاقد في الشبكات التقليدية.
تأثير مباشر على المحاصيل في الدلتا والصعيد
في محافظات مثل البحيرة والفيوم، أكد المزارعون أن نقص المياه أثر بشكل واضح على زراعات القمح والذرة وقصب السكر، التي تحتاج إلى كميات وفيرة من المياه.
يقول “عبد الله صبري”، مزارع من البحيرة: “كنا بنزرع فدانين قمح، دلوقتي مش قادرين نوفر مية حتى لنص فدان، الأرض عطشانة و المحصول ضعيف جدًا”.
وفي الفيوم، ذكر “عادل عبد الرحمن”، أحد الفلاحين، أن الجفاف دفع الكثير من المزارعين إلى ترك أراضيهم بورًا.
“بنستنى الطلمبات تسحب مية بالساعات، وأوقات المية مبتوصلش أصلاً، والمحصول بيروح علينا”.
رأي الخبراء.. الري الحديث ضرورة لا رفاهية
يرى الخبراء أن التحول إلى الري بالتنقيط أو الري بالرش أصبح أمرًا لا مفر منه، لكنهم يؤكدون أيضًا على أهمية الدعم الحكومي لتوفير المعدات والتقنيات بأسعار مناسبة.
ويقول الدكتور توفيق عبد الغني، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة: “الري الحديث يوفر 40 إلى 50% من استهلاك المياه، لكنه يتطلب تدريبًا للفلاحين ودعمًا ماديًا لتعميمه، خاصة في المحافظات الفقيرة”.
وأضاف أن الاستمرار في استخدام الري بالغمر يعد خطرًا استراتيجيًا على الأمن الغذائي المصري.
الفلاحون يطالبون بخطة إنقاذ عاجلة
وجه فلاحو الدلتا والصعيد نداءات عاجلة إلى الحكومة للمساعدة في تجاوز الأزمة، سواء بتوفير المياه أو تقديم قروض ميسرة للتحول إلى الري الحديث، إلى جانب تحسين شبكة الترع والمصارف التي تعاني من الإهمال والردم.
“مش عايزين نسيب الأرض ونهاجر، بس الأرض عطشانة واحنا مش قادرين نسقيها”، بهذه العبارة اختصر فلاح من قرية كوم أوشيم بمحافظة الفيوم معاناة آلاف المزارعين.
العالم في دقائق: حلول عالمية لأزمات المياه
حول العالم، اتجهت دول عديدة إلى حلول مبتكرة لأزمات المياه، مثل:
إسرائيل التي نجحت في استخدام الري بالتنقيط بنسبة 90% من أراضيها.
الهند التي أنشأت تطبيقات ذكية لمراقبة استهلاك المياه في الزراعة.
وهولندا التي استعانت بالمياه المعالجة لري المحاصيل دون تأثير على الجودة.
وهل يمكن لمصر أن تستفيد من هذه التجارب؟ يرى خبراء أن الأمر يتطلب إرادة سياسية وتمويل مستدام، لكن الأمل قائم.
الأرض عطشانة.. هل من مجيب؟
أزمة المياه ليست فقط تحديًا زراعيًا، بل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري. ومع ارتفاع درجات الحرارة، وتناقص نصيب الفرد من المياه، بات من الضروري إعادة النظر في سياسات إدارة الموارد المائية، وتشجيع التحول السريع نحو التقنيات الحديثة.
والفلاح المصري يستحق الدعم، لأن بقاء الزراعة هو بقاء للوطن.