عربي وعالمي

انتصار قانوني يعيد الاعتبار لحق الاحتجاج ويضع الحكومة أمام مسؤولياتها.

محكمة الاستئناف تُبطل قوانين قمعية وتؤكد أن الاحتجاج حق أساسي.

عندما ربحنا الدعوى ضد الحكومة المحافظة بخصوص قوانينها المعادية للاحتجاج العام الماضي، اعتقدنا أن القضية قد أُغلقت. المحكمة العليا قضت بوضوح أن منح الشرطة صلاحيات شبه مطلقة لقمع الاحتجاجات التي تُسبب “إزعاجًا يفوق الحد الأدنى” أمر غير قانوني، وأمرت بإلغاء تلك القوانين فورًا. اعتقدنا حينها أن حكومة حزب العمال الجديدة، التي عارضت تلك القوانين أثناء وجودها في المعارضة، ستُعيد الحق في التظاهر إلى مكانه الطبيعي كحق أساسي من حقوق الإنسان.

 

عودة إلى ساحات المحاكم رغم التغيير السياسي

لكننا كنا مخطئين. حكومة العمال أعادتنا إلى أروقة القضاء، سعيًا لإثبات تشددها في قضايا النظام العام. واليوم، وبعد نتائج انتخابية مخيبة دفعت الحزب لمراجعة نفسه، حققنا نصرًا جديدًا. محكمة الاستئناف قضت بالإجماع أن تلك القوانين لم يكن يجب أن تُسن أصلًا، ما يستدعي من الحكومة إعادة النظر في موقفها تجاه الحريات العامة.

القضاة: الحكومة تجاوزت سلطاتها بشكل تعسفي

خلال جلستين قضائيتين، أكد خمسة قضاة أن هذه القوانين تمثل إساءة للسلطة، وأن الوزراء ليس من حقهم سن تشريعات تقيد حرية الاحتجاج فقط لأنها لا تُعجبهم. القوانين تم تمريرها في مناخ سياسي مسموم استهدفت فيه الحكومة حركات مناخية، لكنها في الواقع أضرت بالجميع.

ظلمٌ واسع النطاق تحت غطاء “الإزعاج”

القانون الذي أبطله الحكم الأخير لم يكن الوحيد. ضمن سلسلة تشريعات استهدفت التضييق على الحريات، جاء قانون الشرطة والجريمة والمحاكم (2022) ليسمح بحظر الاحتجاجات “الصاخبة”، وتلاه قانون النظام العام (2023) الذي جرم حتى حيازة أدوات تُستخدم في الاحتجاج السلمي، مثل أسلوب “الربط”. وصل الأمر إلى منع المحتجين أحيانًا من شرح أسبابهم في المحكمة، ما قلب مبدأ العدالة رأسًا على عقب.

ضحايا خلف القضبان وثمن باهظ للحرية

هذه القوانين لم تكن نظرية فقط، بل تركت أثرًا مدمرًا. في موسم الأعياد الماضي، كان عدد كبير من المحتجين في السجون، وجرى اعتقال بعض الصحفيين بالخطأ لمجرد تغطيتهم للأحداث. هذه ليست حالات فردية، بل اعتداء ممنهج على حرية التعبير.

 

قوانين جديدة… وتهديد مستمر للحريات

رغم الأحكام القضائية، لا تزال الهجمة مستمرة. يناقش البرلمان حاليًا مشروع قانون لحظر الأقنعة في الاحتجاجات – وهو نسخة طبق الأصل من مقترح محافظ سابق. مثل هذه القوانين تهدد حرية التعبير لمجموعات مستضعفة، من نشطاء هونغ كونغ إلى ذوي الإعاقة.

على حزب العمال أن يختار نوع الديمقراطية التي يريدها

الحكم الأخير يجب أن يكون نقطة تحول. لا يمكن استخدام الحقوق الأساسية ورقة للمناورة السياسية. المطلوب من الحكومة الحالية هو التراجع عن قوانين القمع، وإلغاء الاعتقالات التي تمت بموجبها، وإعادة تقييم كل التشريعات التي قيدت حرية التظاهر.

الاحتجاج قوة ديمقراطية لا يمكن تجاهلها

منح الاحتجاج النساء حق التصويت، والعمال حقوقهم، والمجتمعات المهمشة صوتها. هذه المكتسبات جاءت من الشارع، لا من النخب السياسية. لهذا، يجب أن نُعيد الاعتبار للاحتجاج كأداة للتغيير، وأن نحميه كحق أصيل في أي نظام ديمقراطي حقيقي.

 

علياء حسن

علياء حسن صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى