علوم اجتماعية وانسانية

نجوم البحر الهشة: مهندسو القاع الذين يواجهون خطر الذوبان الصامت

كائنات دقيقة بتأثير عميق... توازن النظم البيئية في مهب التغير المناخي

رغم مظهرها الرقيق، تلعب كائنات “نجم البحر الهش” أو ما يُعرف بـ البريتل ستار دورًا محوريًا في الحفاظ على توازن الحياة في أعماق البحار. فهي ليست مجرد كائنات ملونة تزيّن قاع المحيط، بل تعتبر من الأنواع الأساسية التي تسهم بشكل فعّال في صحة النظام البيئي البحري على مستوى الكوكب.

قابلية للكسر… تعقبها قدرة على الترميم

من أبرز سمات هذه الكائنات قدرتها الاستثنائية على تجديد أطرافها. ففي حال تعرض أحد أذرعها للقطع بسبب مفترس أو حادث طبيعي، تستطيع النجوم الهشة إعادة بناء الذراع المفقود، وفي بعض الأنواع، يمكنها أيضًا ترميم أجزاء من مركز جسدها. هذه الخاصية تمنحها قدرة مذهلة على النجاة والتكيف مع البيئات المتقلبة.

“بجمال لافت وتنوع في الشكل واللون يتفوق أحيانًا على نجم البحر التقليدي”

أعمال فنية مضيئة في أعماق البحر

يتميز نجم البحر الهش بجمال لافت وتنوع في الشكل واللون يتفوق أحيانًا على نجم البحر التقليدي. بعض الأنواع قادرة على إنتاج ومضات ضوئية زرقاء عبر خاصية الإضاءة الحيوية، فيما تتزين أنواع أخرى بألوان زاهية مثل الأحمر والبرتقالي والأسود، وتُغطي أجسامها أشواك دقيقة تضفي عليها طابعًا جماليًا أشبه بالمنحوتات البحرية.

“مشاهد مذهلة لحركة هذه الكائنات وكأنها جيش منظم يعمل بتناغم مذهل داخل النظام البيئي”

نشاط لا يُرى… تحت طبقات الرواسب

رغم أن بعضها لا يتجاوز قطر مركزه 5 ملليمترات، يمكن العثور على آلاف منها في مساحة متر مربع واحد من قاع المحيط، مثل نوع Amphiura filiformis المنتشر في المياه البريطانية. وتُظهر تسجيلات “التايم-لابس” التي التقطها البروفيسور مارتن سولان مشاهد مذهلة لحركة هذه الكائنات وكأنها جيش منظم يعمل بتناغم مذهل داخل النظام البيئي.

“وجودها يساعد على تعزيز التنوع البيولوجي وتحسين الظروف المعيشية للكائنات الأخرى في البيئة البحرية”

مهندسو النظام البيئي في القاع

تلعب نجوم البحر الهشة أدوارًا بيئية معقدة لكنها ضرورية. فهي تساهم في تحريك الرواسب، وتهوية التربة البحرية عبر ضخ الأكسجين، وتحلل المواد العضوية، ما يشبه دور الفيلة في النظام البيئي البري. وجودها يساعد على تعزيز التنوع البيولوجي وتحسين الظروف المعيشية للكائنات الأخرى في البيئة البحرية.

ضحايا صامتون للتغير المناخي والتلوث

رغم هذه الأهمية البيئية، تظل نجوم البحر الهشة من أكثر الكائنات هشاشة في وجه الأخطار البيئية الحديثة. فهي لا تملك القدرة على الهرب من التلوث المستقر في القاع، كما أن هياكلها الكلسية تجعلها عرضة للتحلل بفعل تحمّض المحيطات الناتج عن زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون. لذلك، يصفها العلماء بـ”الكناري في منجم الفحم” كناية عن حساسيتها المفرطة التي تنذر بانهيار بيئي وشيك.

إنقاذ الكائنات التي تُنعش الحياة البحرية

تشير الدراسات إلى أن نجوم البحر الهشة موجودة منذ أكثر من 500 مليون سنة، وقد ساهمت في تطور الحياة البحرية على مدار العصور. واليوم، يدعو العلماء إلى الاعتراف بأهميتها البيئية واتخاذ خطوات جادة لحمايتها من الانقراض البطيء الناتج عن التغير المناخي والتلوث المتصاعد في المحيطات.

اقرا ايضا:

برشلونة الجديد: الهوية أهم من النجوم

علياء حسن

علياء حسن صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى